المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
عنْ أَبي أَيوبِ رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ رواهُ مُسْلِمٌ.
الأقسام
حديث اليوم
عن أبي شيبة المهري قال : « اختلاف الليل والنهار غنيمة الأكياس »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
‏عن ‏ ‏زيد بن خالد الجهني ‏ ‏عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏: ( ‏من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن ‏ ‏خلف ‏ ‏غازيا في أهله فقد غزا ‏). رواه الترمذي وقال: ‏ ‏هذا ‏ ‏حديث حسن صحيح .
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
"المجلس الإسلامي للافتاء يدعو الأئمة لتخصيص خطبة الجمعة حول " أزمة العلاقة بين الآباء والأبناء "
تاريخ: 22/03/17
رقم البيان: 48

"المجلس الإسلامي للافتاء يدعو الأئمة لتخصيص خطبة الجمعة حول " أزمة العلاقة بين الآباء والأبناء "

دعا المجلس الإسلامي للافتاء الأئمة في البلاد بتخصيص خطبة الجمعة المقبلة حول أزمة العلاقة بين الآباء والأبناء والتطرق لأسباب هذه الأزمة من المنظور الشرعي والاجتماعي وطرح الحلول العملية للخروج من هذه الأزمة التي ضررها ليس مقتصرا على الأسرة فحسب بل على مستوى المجتمع برُمته...
وفي حديث مع د. مشهور فوّاز محاجنة- رئيس المجلس الإسلامي للافتاء حول هذه الدعوة وأهميتها أفاد قائلا :
انّ الانسجام في العلاقة بين الولد ووالديه يساعد على تنمية شخصية الولد ويعزز ثقته بوالديه وبنفسه مما يمنحه قوة وطاقة تربوية في مواجهة تحديات الصعوبات التي قد تواجهه في الحياة ؛ وعلى العكس من ذلك تماما حيث أنّه في كثير من الأحيان تكون المشاكل النفسية و السلوكية عند الاولاد نتيجة العلاقة المتزعزعة بين الأبناء والآباء...
إنّه من المقلق حقيقة أنّك تجد الابن لديه الاستعداد للتحدث على مواقع التواصل الاجتماعي للساعات الطويلة مع أشخاصٍ - ربما لم يمضِ على معرفتهم بهم إلّا فترةً قليلةً - وليس لديه الاستعداد أن يجلس مع والديه، حيث يمل بسرعة أو يجلس صامتاً لا يشاركهم أحاديثهم أو ينشغل بهاتفه ... وذلك يعود إلى عدم وجود العوامل المشتركة بين الآباء والأبناء، فالأبناء ينجذبون للجلسات الّتي يشعرون بأنها ممتعة بالنسبة إليهم...
وحول أشدّ ما يزعزع الثقة بين الآباء والأبناء أشار فضيلته :
انّ ممّا يعصف بالعلاقة بين الآباء والأبناء فينسفها نسفا الخلافات الزوجية المستديمة امام الأبناء .... إنّ هذه الخلافات أشد أثرا على نفسية الابناء من الحروب المدمرة ...
فالخلافات الزوجية آثارها السلبية طويلة الأمد.... والأبحاث تشير إلى أنّ الأطفال الذين ينشؤون بين مشاكل الأبوين المتكررة من المحتمل أن يتأثروا في مرحلة البلوغ. ويكونون أكثر عرضة لخطر الاكتئاب، وتعاطي المخدرات والكحول، والقيام بالسلوكيات المعادية للمجتمع، مع مخاطر الفشل في العلاقات الشخصية والحياة المهنية حتى بعد تخطي سن المراهقة.....
وفضلا عن ذلك فإنّ صورة الأب والأم تهتز عند الولد ممّا يدفع الولد إلى أن يبحث عن قدوة أخرى ولا يتقبل حينئذ الأبناء التوجيهات من الآباء والامهات لفقد الثقة فيهم ...
كما أنّ المفاضلة بين الأبناء في المعاملة والمودة والعطية تلعب دورا سلبيا في تأزم العلاقة بين الآباء والأبناء؛ فضلا عمل يارب على ذلك من نزع للشحناء والبغضاء في قلوب الاخوة تجاه بعضهم البعض ...
وختم فضيلته قائلا:
ابنك رأس مالك فلو جمعت مال الدنيا كله وخسرت ثقة ابنك فكأنك لم تكسب شيئا...
أيها الآباء... أيتها الأمهات.... اعلموا انّ أبناءكم هم صور أعمالكم فأحسنوا صوركم فإنكم مسؤولون عنهم في الدنيا والآخرة..
المجلس الإسلامي للافتاء
المركز العام للتحكيم الشرعي
26 جمادي الآخرة 1438 ه
 

نص الخطبة :

أزمة العلاقة بين الأبناء والآباء:
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله أشرف الخلق والمرسلين ؛ وبعد :
 - انّ الانسجام في العلاقة بين الولد  ووالديه يساعد على تنمية شخصية الولد ويعزز ثقته بوالديه وبنفسه مما يمنحه قوة وطاقة تربوية في مواجهة تحديات الصعوبات  التي قد تواجهه في الحياة  ؛  وعلى العكس من ذلك تماما حيث أنّه في  كثير من الأحيان  تكون المشاكل النفسية و السلوكية عند الاولاد نتيجة العلاقة المتزعزعة بين الأبناء والآباء...
- تحتاج العلاقة بين الآباء والأبناء إلى الرّعاية والاهتمام ورفدها دائماً بالمحبة للمحافظة عليها وعلى قوتها، فالعلاقة تبدأ منذ الصغر، حيث يجب على الوالدين الانتباه إلى أنّ البيت هو الموجِّه الأول للأبناء والمؤثّر الرّئيسي في سلوكيّاتهم، فما يشاهدونه وما يحصلون عليه من طريقة تعاملٍ، فإنهم يطبقونه في المستقبل، لذلك يجب أن يكون تعامل الآباء مع الأبناء تعاملاً لطيفاً وحكيما  ..  ولا بد أن تتسم العلاقة  بالأخلاق الفاضلة والسلوكيات الجيدة من أجل أن يقتدي بها الأبناء في حياتهم اليومية ...
- إنّه من المقلق حقيقة أيها الإخوة  أنّك تجد الابن لديه الاستعداد للتحدث على مواقع التواصل الاجتماعي للساعات الطويلة مع أشخاصٍ - ربما لم يمضِ على معرفتهم بهم إلّا فترةً قليلةً - وليس لديه الاستعداد أن يجلس مع والديه، حيث يمل بسرعة أو يجلس صامتاً لا يشاركهم أحاديثهم أو ينشغل بهاتفه ... وذلك  يعود  إلى عدم وجود العوامل المشتركة بين الآباء والأبناء، فالأبناء ينجذبون للجلسات الّتي يشعرون بأنها ممتعة بالنسبة إليهم...
- ومن هنا يجب على الوالدين  التعامل بلطفٍ ولينٍ وبطريقةٍ مريحةٍ مع الأبناء ومراعاة حالتهم النفسية ومشاركتهم اهتماماتهم ...
كما يجب على الآباء تعويد الأبناء منذ الصغر على الجلسات الجماعيّة وعدم الانشغال عنهم بالأعمال الخارجية لتلبية متطلباتهم، فأحياناً الرعاية النفسيّة للأبناء أهم من توفير المسلتزمات والحاجات الماديّة لهم، كما يجب على الأم بالذات عدم تفضيل الانشغال بالأعمال البيتية على الجلوس مع أبنائها والاستماع إليهم وتعويدهم على التصريح بكل ما قد يتعرّضون له في حياتهم لمساعدتهم على تخطّي أية مشكلةٍ يواجهونها... 
- إنّ أشدّ ما يزعزع الثقة بين الآباء والأبناء هو المفاضلة في المعاملة والمودة والعطية بين الأبناء...
 يجب على الآباء  أن يسووا بين أبنائهم في العطية حتى يكونوا لهم في البر سواء..... 
لقد حث فقهاؤنا  على العدل بين الاولاد ليس في العطية فحسب بل قالوا ولو بالقبلة إذا قبلت أحد أولادك فقبل الآخر... عدل في المعاملة المادية والمعنوية على حد سواء ...
اعدلوا بين اولادكم اعدلوا بين اولادكم اعدلوا بين اولادكم....
 يذكر أنّ امرأة بشير بن سعد الأنصاري طلبت إليه أن يخص ولدها النعمان بن بشير بمنحة مالية، وأرادت توثيق هذه الهبة، فطلبت من زوجها أن يشهد على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب إليه وقال:
((إِني نَحَلْت - أي وهبت - ُ ابني هذا غُلاما كان لي. فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : أكلَّ ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : فارجعْهُ ».
وفي رواية قال: « تَصَدَّقَ عَليَّ أبي ببعض ماله ، فقالت أُمِّي عَمْرَةُ بنتُ رواحة : لا أرضى حتى تُشْهِدَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فانطلق أبي إِلى النبي لِيُشهده على صدقتي. فقال له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : أفعلتَ هذا بِوَلَدِكَ كُلِّهِم؟ قال: لا ، قال: اتقوا الله ، واعْدِلُوا في أولادكم ، فرجع أبي، فَرَدَّ تلك الصدقة ».
وفي أخرى : فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : « يا بشير ، أَلَكَ وَلَد سِوَى هذا؟ قال : نعم ، قال: أكلَّهُمْ وهبت له مثل هذا؟ قال: لا ، قال: فلا تُشْهِدْني إِذَنْ ، فإِني لا أشهد على جَور» اي لا أشهد على ظلم ....
وفي أخرى : « أشْهِدْ على هذا غيري. ثم قال: أَيَسُرُّكَ أن يكونوا إليك في البِرِّ سواء؟ قال : بلى. قال: فلا ، إِذن » ))( متفق عليه )..
 - الإنسان قد يعبد الله ستين عاماً ثم لا يعدل بين أولاده فتجب له النار.
 أسوأ خاتمة خاتمة رجل أنهى حياته بحرمان بعض أولاده، أو حرمان البنات، وما أكثر الأسر التي تحرم البنات، يقول لك: هذا المال ذهب لغريب.... 
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال: إنّ الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة, ثم يحضرهما الموت, فيضاران في الوصية فتجب لهما النار، ثم قرأ أبو هريرة رضي الله عنه قوله تعالى : " من بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ۚ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) .
 رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب.
ورواه الإمام أحمد وابن ماجه بلفظ:"  إنّ الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة، ثم قال: واقرءوا إن شئتم : "  تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ " .
 أخواننا الكرام: الأب الموفق الذي يرجو رحمة الله، الأب الذي يرجو أن يموت على الإيمان، الأب الذي يرجو أن ينجو من عذاب الله، ومن عذاب القبر، عليه أن يعدل بين أولاده في العطية.
 قد يقول أحدكم: هذا الولد يخدمني أكثر، أنت إذا حرمت المقصر زدت في إبعاده عنك، وزدت  في حقده على أخيه، اعدل بينهم، ودع إكرامهم لك، دع ربك يجازيهم عن إكرامهم لك.... نعم أجاز الإمام أحمد رحمه الله تعالى أن تخص ابنك العاجز المحتاج و الفقير المعيل اي كثير العيال اذا كانت ظروفه المادية القاسية ... ولكن بشرط أيها الإخوة الا يؤدّي ذلك إلى زرع شحناء وبغضاء في قلوب الأبناء...
وانّ ممّا يعصف بالعلاقة بين الآباء والأبناء فينسفها نسفا الخلافات الزوجية المستديمة امام الأبناء .... إنّ هذه الخلافات أشد أثرا على نفسية الابناء من الحروب المدمرة ...
فالخلافات الزوجية  آثارها السلبية  طويلة الأمد.... والأبحاث تشير إلى أنّ  الأطفال الذين ينشؤون بين مشاكل الأبوين المتكررة من المحتمل أن يتأثروا في مرحلة البلوغ. ويكونون أكثر عرضة لخطر الاكتئاب، وتعاطي المخدرات والكحول، والقيام بالسلوكيات المعادية للمجتمع، مع مخاطر الفشل في العلاقات الشخصية والحياة المهنية حتى بعد تخطي سن المراهقة..... 
وفضلا عن ذلك فإنّ صورة الأب تهتز عند الولد ممّا يدفع الولد إلى أن يبحث عن قدوة أخرى ولا يتقبل حينئذ الأبناء التوجيهات من الآباء لفقد الثقة فيهم ... فاتقوا الله في أبنائكم الذين هم رأس مالكم ... فوالله لو جمعت مال الدنيا كله وخسرت ثقة ابنك فإنك لم تكسب شيئا... 
أيها الآباء... أيتها الأمهات.... اعلموا انّ أبناءكم هم صور أعمالكم فأحسنوا صوركم فإنكم مسؤولون عنهم في الدنيا والآخرة.. 
المجلس الإسلامي للافتاء 
المركز العام للتحكيم الشرعي 
رابطة أئمة ام الفحم 
26 جمادي الآخرة 1438 ه