المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
عنْ أَبي أَيوبِ رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ رواهُ مُسْلِمٌ.
الأقسام
حديث اليوم
عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : « ما نقصت أمانة عبد إلا نقص إيمانه »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله تعالى قال : من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي سمع به و بصره الذي يبصر به ، و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها و لئن سألني لأعطينه ، و لئن استعاذني لأعيذنه ). رواه البخاري .
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
الخمس الفواسق
تاريخ: 31/12/09
عدد المشاهدات: 9452
رقم الفتوى: 478

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الخمس الفواسق
 
س: ما هي الخمس الفواسق، وهل يستحب قتلهن؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وأصحابه الغر الميامين وبعد:
 ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى اسْتِحْبَابِ قَتْلِ الخمس الفواسق، لما جاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خَمْس فَوَاسِق يُقْتَلْنَ فِي الْحِلّ وَالْحَرَم: الْحَيَّة وَالْغُرَاب الْأَبْقَع وَالْفَأْرَة وَالْكَلْب الْعَقُور وَالْحُدَيَّا"{متفق عليه}. وَفِي رِوَايَة:"الْحِدَأَة". وَفِي رِوَايَة:"الْعَقْرَب" بَدَل"الْحَيَّة"، وَفِي روَايَة:"أَرْبَع" بِحَذْفِ الْحَيَّة وَالْعَقْرَب، فَالْمَنْصُوص عَلَيْهِ السِّتّ. وبعض الروايات الصحيحة أطلقت لفظ الغراب دون الأبقع كما جاء في الصحيحين.
{انظر: شرح النووي على صحيح مسلم(4/252)، أسنى المطالب(7/172)، كشاف القناع(7/10)}
 
شرح الحديث:
قوله:(خمس) التقييد بالخمس وإن كان مفهومه اختصاص المذكورات بذلك لكنه مفهوم عدد، وليس بحجة عند الأكثر، وعلى تقدير اعتباره فيحتمل أن يكون قاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أولاً ثم بين بعد ذلك أن غير الخمس يشترك معها في الحكم، فقد ورد في بعض طرق عائشة بلفظ (أربع) وفي بعض طرقها بلفظ (ست).
قوله:(فواسق). أصل الفسوق الخروج عن الاستقامة والجور، وإنما سميت هذه الحيوانات فواسق على الاستعارة لخبثهن. وقيل لخروجهن من الحرمة في الحل والحرم: أي لا حرمة لهن بحال، بمعنى أنه يجوز قتلهن حتى في الإحرام. ففي الصحيحين من حديث ابن مسعود:أنه-عليه الصلاة والسلام- خرجت لهم حية في منى؛ فقال: اقتلوها. فمرت، وذهبت؛ فقال:"كُفِيَت شركم، وكفيتم شرها". وكان ينزل عليه القرآن، فمرت به.
قوله:"والعقرب" هذا اللفظ للذكر والأنثى، وقد يقال عقربة وعقرباء.
وقد تقدم اختلاف الرواة في ذكر الحية بدلها، والذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم نبه بإحداهما على الأخرى عند الاقتصار وبين حكمهما معا حيث جمع. قال ابن المنذر: لا نعلمهم اختلفوا في جواز قتل العقرب. وقال نافع لما قيل له: فالحية؟ قال: لا يختلف فيها. وفي رواية: ومن يشك فيها؟.
 ويستثنى من هذا الإطلاق أفاعي البيوت فإنها تنذر ثلاثا قبل القتل لاحتمال أن تكون جنا إلا الأبتر وذا الطفيتين فيقتلان دون إنذار ولو في البيوت؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن قتل ذلك إلا الأبتر وذا الطفيتين. والأبتر: يعني قصير الذنب. وذو الطفيتين: هما خطان أسودان على ظهره. فهذان النوعان يقتلان مطلقاً، وما عداهما لا يقتل ولكن يخرج عليه ثلاث مرات بأن يقال: أحرج عليك أن تكونى في بيتي أو كلمة نحوها يدل على أنه ينذرها ولا يسمح لها بالبقاء في بيته، فإن بقيت بعد ذلك فإنها ليست بجن، أو لو كانت جنا فقد أهدرت حرمتها، فحينئذ يجوز قتلها.
 ويشارك العقرب والحية في الحكم كل مؤذ باللسع ونحوه من ذوات السموم كالزنبور ( الدبور وأمثاله ).
قوله:(الْغُرَاب الْأَبْقَع)، وهو الذي في ظهره أو بطنه بياض، وأخذ بهذا القيد بعض أصحاب الحديث، وهو راجع إلى قضية حمل المطلق على المقيد. قال ابن قدامة: يلتحق بالأبقع ما شاركه في الإيذاء وتحريم الأكل. وقد اتفق العلماء على إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب من ذلك ويقال له غراب الزرع ويقال له الزاغ، وأفتوا بجواز أكله، فبقي ما عداه من الغربان ملتحقا بالأبقع. ومنها الغداف على الصحيح في "الروضة" بخلاف تصحيح الرافعي، وسمى ابن قدامة الغداف غراب البين، والمعروف عند أهل اللغة أنه الأبقع، قيل سمي غراب البين لأنه بان عن نوح لما أرسله من السفينة ليكشف خبر الأرض، فلقي جيفة فوقع عليها ولم يرجع إلى نوح. وكان أهل الجاهلية يتشاءمون به فكانوا إذا نعب مرتين قالوا: آذن بشر. وإذا نعب ثلاثا قالوا: آذن بخير، فأبطل الإسلام ذلك. وكان ابن عباس إذا سمع الغراب قال: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك. وقال صاحب الهداية: المراد بالغراب في الحديث الغداف والأبقع لأنهما يأكلان الجيف، وأما غراب الزرع فلا... ومن أنواع الغربان الأعصم، وهو الذي في رجليه أو في جناحيه أو بطنه بياض أو حمرة، وحكمه حكم الأبقع. ومنها العقعق وهو قدر الحمامة على شكل الغراب، قيل سمي بذلك لأنه يعق فراخه فيتركها بلا طعم، والعرب تتشاءم به أيضا. ووقع في فتاوى قاضي خان الحنفي: من خرج لسفر فسمع صوت العقعق فرجع كفر، وحكمه حكم الأبقع على الصحيح.
قوله:"والفأر" بهمزة ساكنة ويجوز فيها التسهيل، ولم يختلف العلماء في جواز قتلها للمحرم. والفأر أنواع، منها الجرذ، والخلد بضم المعجمة وسكون اللام، وفأرة الإبل، وفأرة المسك، وفأرة الغيط، وحكمها في تحريم الأكل وجواز القتل سواء، ويطلق عليها الفويسقة، وسيأتي سبب تسميتها بذلك من حديث أبي سعيد. ويشارك الفأرة في الحكم كل مؤذ بالنقب والقرض.
(الكلب العقور): أي الجارح العادي على الناس المخيف لهم ويشمل هذا اللفظ الكلب المعروف وغيره من السباع الضارية كالأسد والنمر والفهد،ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه قال في دعائه على عتبة:"اللهم سلط عليه كلبا من كلابك"، فافترسه أسد. وظاهر تقييد الكلب بكونه عقورا أن غيره محترم يمتنع قتله وهو المصحح عند الشافعية.
قال النووي في شرحه على مسلم(4/252):"قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء: لَيْسَ الْمُرَاد بِالْكَلْبِ الْعَقُور تَخْصِيص هَذَا الْكَلْب الْمَعْرُوف، بَلْ الْمُرَاد هُوَ كُلّ عَادٍ مُفْتَرِس غَالِبًا كَالسَّبُعِ وَالنَّمِر وَالذِّئْب وَالْفَهْد وَنَحْوهَا".
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: والكلب العقور يشمل: كل ما عقر الناس، مثل: الذئب والأسود والنمور مما أشبه ذلك، مما يعقر، ويؤذي.  وقال مالك في الموطأ(1/357): كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم مثل الأسد والنمر والفهد والذئب هو العقور. وهو قول الجمهور.
قوله:"الْحُدَيَّا"، بِضَمِّ الْحَاء وَفَتْح الدَّال وَتَشْدِيد الْيَاء. وفي الرواية الأخرى "الحِدَأَة"، وَهِيَ بِكَسْرِ الْحَاء، وَجَمْعهَا "حِدَأ" بِكَسْرِ الْحَاء. وهي طير جارح مفترس، من خواصها أنها تقف في الطيران، ويقال إنها لا تختطف إلا من جهة اليمين.ويشارك الحدأ في الحكم غيرها مما يؤذي كالصقر.
{انظر:فتح الباري(4/39-40)، فيض القدير(3/604)، شرح النووي على صحيح مسلم(4/252)، المبسوط(14/57)، التاج والإكليل(4/297)، أسنى المطالب(7/172)، كشاف القناع(7/10)}
 
العلة التي لأجلها تقتل هذه الدواب:
تقتل هذه الدواب؛ لأنها مؤذيات، ويلحق بها كل مؤذ. جاء عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:"يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَالسَّبُعَ الْعَادِيَ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالْفَأْرَةَ الْفُوَيْسِقَةَ"، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ قِيلَ لَهَا الْفُوَيْسِقَةُ؟ قَالَ: لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ لَهَا وَقَدْ أَخَذَتْ الْفَتِيلَةَ لِتُحْرِقَ بِهَا الْبَيْتَ"{رواه ابن ماجة وهو صحيح. انظر:إرواء الغليل(1/80)}.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِى كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ فَقَالَ:"إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتَحْرِقَكُمْ"{رواه أبو داود. قال الحاكم:صحيح الإسناد.ووافقه الذهبي}.
وعلى هذا يجوز قتل الخمس الفواسق في الحلّ والحرم، كما ويحرم تربيتها إلا لغرض الأبحاث العلمية بما يعود بالفائدة على البشرية.
 
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء
3 محرم 1431هـ الموافق19/12/2009م