المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
عنْ أَبي أَيوبِ رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ رواهُ مُسْلِمٌ.
الأقسام
حديث اليوم
عن محمد بن كعب قال : « إنما يكذب الكاذب من مهانة نفسه عليه »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
عن ابن عباس - رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :( لو يعطى الناس بدعواهم ، لا دعى رجال أموال قوم و دماءهم لكن البينة على من المدعي و اليمن على من أنكر ) حديث حسن رواه البيهقي و غيره هكذا، وبعضه في الصحيحين .
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
المجلس الإسلامي للافتاء يدعو لخطبة جمعة موحدة بعنوان: ظاهرة فسخ الخطوبة من منظور شرعيّ واجتماعي
تاريخ: 28/12/16
رقم البيان: 35

تزامنا مع الحملة التوعوية التي يطلقها المجلس الإسلامي للإفتاء حول تفشي ظاهرة ( فسخ الخطوبة)
نضع بين أيدي الخطباء والأئمة الأفاضل مقترحا لخطبة جمعة موحدة من باب التسهيل ولفت النظر لأهم المحاور التي ينبغي أن تطرح بالخطبة.
أهم المحاور:

  1. أسباب فسخ الخطبة من منظور واقعي اجتماعي مع التعريج على أثر التكنولوجيا والاختلاط في تخريب العلاقات.
  2. أثر إطالة فترة الخطوبة
  3.  الفوضى بين الخاطبين
  4. حدود العلاقة بينهما
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛
فإنّ المولى جلّ وعلا ما فطر القلوب البشرية على الحب وما شرع بين الجنسين الميل بالقلب إلا ليوجد بينهما الرغبة في الارتباط الحلال الذي من خلاله يوطد لبناء البيوت المطمئنة والأسر المحصنة وتتوسع دائرة العلاقات العامة بين الناس، وتتوثق عرى الأخوة ويحصل التعارف والتآلف.

وتأكيدا على إرادة الشارع لتحقيق كل هذه المصالح والمنافع أبرز قدسية هذه العلاقات وزرع في النفوس الهيبة من خرق العهد فيها وبيّن أنها من أشد العرى لصوقا بالإنسان حتى شبه الزوجية بالثوب الذي يتصل بالأبدان فلا يكاد ينفك عنها فقال: "هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهن" فهي علاقة قائمة على الستر والصون والكتمان كما هي مبنية على أسس متينة تحميها من عاصفة تكيد بها.
لكنّ مجتمعنا اليوم بات مصرا على إجهاض هذه الروح الجميلة لمنظومة العلاقة بين الذكر والأنثى فتهدمُ وهي لم ترَ النورَ بعدُ،  فتفشت حالات من العبث بالمشاعر والقلوب والارتباطات الاجتماعية إلى حد جعلها ظاهرة مستفحلة بل وباء يحتاج لتشخيص أسبابه وعلاجه
 والمرض الأكبر الذي نشهده لهذا المرض المجتمعي هو ظاهرة فسخ الخطوبة التي لا تكاد تغادر بيتا بل وتتكرر عند الأشخاص أنفسهم فنرى الفتاة تخطب وتفسخ مرات متتالية والشاب كذلك..

فسخ الخطوبة ليس مكرمة ولا فضيلة:
ينبغي أن نعلم أن فسخ الخطوبة دون أسباب وجيهة ودون أعذار معتبرة مقنعة مذموم شرعا ويقدح بمروءات الرجال فهو بعد العقد الشرعي طلاق وقبل العقد الشرعي إن لم يكن ثمة سبب مسوّغ نوع من  النّفاق وذلك لأنّ الخِطبة هي وعد بالزواج، والقبول من الخاطبين يعطي الأمل لكل منهما ببناء حياة زوجية وأسرة وفسخ الخطوبة دون مبرر هو عدم وفاء بالوعد وقطع للعهد وهذا مما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في تعداد صفات المنافقين (  إذا وعد أخلف واذا اؤتمن خان).

ثم إن المسلمين عند شروطهم ووعودهم لا يصح ضرب كل هذه العهود والمواثيق بعرض الحائط بدون أسباب وجيهة مسوغة لذلك. ألا يخشى الشاب من الله حينما يترك الفتاة كسيرة القلب وقد سرق منها سنوات من عمرها وهي ترسم لحياتها معه مستقبلا دون ذنب اقترفته يداها؟ أوما تخشى الفتاة ربها في الشاب الذي بنى أمل حياته على وجودها وأنفق على مراسم الخطوبة وتكاليفها مع صعوبة الحال ، وفي الوقت نفسه نتساءل ونقول :  إذا كان الشباب الصغار قد استحكم بهم الطيش وسيطرت عليهم الرعونة وقلة المسؤولية فأين الكبار عنهم ؟
هل يعقل أن تصبح بيوت المسلمين مشاعا وبناتهم ألعوبة ننتقي في غضون السنة الواحدة اثنتين وثلاثا نترك الأولى وسرعان ما نرتبط بالثانية ؟!
اسباب فسخ الخطوبة من منظور واقعي اجتماعي:
لو استعرضنا أسباب فسخ الخطوبة من خلال استقراء واقعنا والحالات التي نشهدها نجد أنها تدور حول الأمور التالية:
أ. الخطأ في الاختيار الذي يفتقد أدنى معايير الكفاءة بين الخاطبين، والسبب راجع إلى أن الأهل يجدون أنفسهم منساقين لإتمام الخطوبة لابنهم وابنتهم لإخراج العلاقة بينهما من إطار الحرام إلى الحلال. فكثيراً من  حالات الخطوبة في مجتمعنا هي ثمرة علاقات محرمة بدأت بين الشاب والفتاة إما بالمدرسة أو عبر الفيسبوك أو المكالمات الهاتفية ثم بعد مدة من الزمن يقرران الارتباط بخطبة اندفاعا باتجاه المشاعر والعواطف غير المستقرة غالبا وغير المدروسة والمحسوبة معظم الأوقات.
وكل أمر عماده الحرام وبني على حرام فالبركة مطروحة منه ولا سبيل إلى أن يستمر وإن استمر لم يثمر ثمارا طيبة.

ب.اطالة الخطبة وذلك لأنّ اطالة خطبة تعني فسخ خطبة .
ت.الفوضى في العلاقة بين الخاطبين : ذلك أنّ القلوب تتغير وتتبدل خصوصاً وأنّ فترة الخطبة لا تقل عن سنة في الغالب المعتاد ممّا يقتل عنصر الاشتياق لدى كلّ من الخاطبين فيولّد حالة من النفور .
   إنّ  الخِطبة في المفهوم الإسلامي ليست عقداً شرعياً فهي لا تعدو كونها مقدمة للزواج ووعداً به ولا يُغير من هذه الحقيقة ما جرى به عرف الناس من قراءة الفاتحة أو لبس الشبكة أو دفع المهر  ونحو ذلك .

هذا وقد صدر عن المجلس الاسلامي للافتاء في البلاد  فتوى مفصلة بخصوص حدود العلاقة بين الخاطبين قبل العقد ، جاء فيها أنّه :
1.لا يجوز للخاطب مصافحة المخطوبة في هذه الفترة ولا لمسها ولا حتى تلبيسها خاتم الخطوبة قبل العقد.
2- يحرم على المخطوبة أن تكشف أمام الخاطب في هذه الفترة سوى وجهها وكفيها ؛ فلا يجوز لها لبس الملابس القصيرة أو البنطال ، بل يجب عليها لبس الجلباب وغطاء الرأس .
3- لا يجوز للمخطوبة أن تسافر مع الخاطب لوحدها .
4- لا يجوز للخاطب أن يجلس بمحاذاة مخطوبته
5.لا يجوز  أن يجلس  الخاطب والمخطوبة  في غرفة لوحدهما .
6- يجوز للخاطب التحدث مع مخطوبته بالهاتف وغيره من وسائل الاتصال كالشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) ,  مع عدم الاكثار من ذلك وعلى أن يكون الكلام جاداً مجرداً عن معاني الهوى والرذيلة وما يخرم بالمروءة .
لذا ينصح لكل من الخاطبين أن يعقد  العقد الشرعي منذ البداية الأولى للخطبة تلاشياً لهذه المحظورات والمخالفات الشرعية .
 
كما أنّنا وإذ نحرّم الفوضى في العلاقة بين الخاطبين نحذّر بالوقت نفسه  من الفوضى في العلاقة بين العاقدين قبل الزّفاف ، بمعنى أنّه ولو كان هنالك عقد شرعي مسجل أم غير مسجّل فإنّنا نحذّر من الفوضى في العلاقة بين العاقدين  لما يترتب على ذلك من مفاسد اجتماعية ، فالقلوب تتغير وتتبدل ، وقد لا يستمر هذا الزّواج فتكون الضّحية هي الفتاة ، وقد ثبت بالتّجربة أنّ أغلب حالات حلّ رابطة العقد قبل الزّفاف سببه مثل هذه الفوضى في العلاقة بين العاقدين وعدم مراعاة العرف  السّائد في  مثل هذا الأمر والضحية  الوحيدة بسبب ذلك هي الفتاة لذا يجب على الأهل ضبط  علاقة كل من الخاطبين بل والعاقدين في إطار الشرع والعرف وذلك بعدم إتاحة الفرصة للخاطب أن يخلو بالمخطوبة وعدم توفير الظروف التي قد تفضي بهما إلى المخالفة الشرعية أو العرفية  .
ث. التدخل المباشر من الأهل في المساحة الخاصة للخاطبين ومحاولة فرض أمور وواقع يرفضه أحدهما أو كلاهما يخلق نفوسا مشحونة تجاه أهل الخاطب أو أهل المخطوبة وسرعان ما تنتقل دائرة الصراع إليهما لينحاز كل طرف إلى أمه وأبيه ويبدأ النزاع والشقاق.
ث.عدم الوعي والنّضوج الكامل لمعنى الخطبة وأحكامها لدى كلّ من الخاطبين .

فالعاطفة والحب المدرسي أو الفيسبوكي لا يكفيان لتحقيق الارتباط والانسجام والتوافق ، فهنالك صفات معينة ومعايير مهمة ينبغي أن يتحلى بها الخاطبان منها الشعور بمسؤولية مشروع الخطبة والزواج واعتباره رباطا مقدسا لا مجال للعب فيه لا يقبل عليه إلا بعد استشارة واستخارة ودراسة متأنية يتلو ذلك مسؤولية سلوكية فينبغي على الخاطبين التحلي بضبط النفس ومراعاة شعور الآخر ومحاولة التماس العذر على التقصير وإعطاء الفرصة لبعضهما للوصول إلى حد مقبول من الانسجام من خلال فترة التعارف المسموح بها شرعا والصبر على الأخطاء وتقبل التوجيه والنقد بروح مرنة وطيب خاطر.

ج. عدم إدراك حقيقة العلاقة بين الرجل والمرأة تجعلهما يرسمان بمخيلتهما أن فترة الخطوبة ينبغي أن تكون مدة للكلام المعسول والهدايا الحالمة وَتَصَنُّعِ الحب والدلال .
ح.كثرة الأعباء والتكاليف المادية التي تثقل كاهل الخاطب وأهله والتي فرضتها علينا الأعراف المتعبة التي لا مستند من الشرع لها. فمصاريف يوم حفل الخطوبة وحدها يتكلف له البيت الواحد دخل سنة كاملة ربما، علاوة على القطع الذهبية التي ينبغي ان تكون جزءا من هدية كل مناسبة على كثرة المناسبات التي من الجرم ألا تستدعي اهتماما خاصا كذكرى ميلاد أو تخرج وغيرها ، فبدلاً من أن تحقق  الهدية  الوصية المحمدية في قوله صلى الله عليه وسلم:" تهادوا تحابوا" أصبحت كثيراً من  الهدايا والمصاريف غير اللازمة سببا في النفور بين الخاطبين وربما تحولت إلى سبب رئيسي في المشاكل بين العروس وأهل زوجها وسرعان ما تمتد إلى نزاعات وخلافات بين العالتين ويتم فسخ الخطوبة بأجواء مشحونة وقلوب مليئة بالحقد والكراهية وألسنة تطفح بالسوء وتكيل منه في كل زمان ومكان.

خ.عدم الوضوح بين الخاطبين من البداية حيث قد يكتم أحد الخاطبين بعض العيوب عن الآخر .
د.اساءة استخدام التقنيات الحديثة كالفيس بوك ونحوه حيث قد يتورط الشاب أو الفتاة بعلاقة محرمة والشيطان يزيّن لكل منهما المعصية ممّا يجعل كلا من الخاطبين أن ينفر من الآخر ، لذا صدق من قال الاختلاط سرطان الحياة الزوجية ومثل ذلك يقال في الخطبة أيضا .... أين نحن من نهي النبي صلى الله عليه سلم من خطبة المسلم على خطبة أخيه؟ فكيف وقد تمت الخطوبة وعقد القران؟ كيف يسوغ لإنسان مسلم أن يخبب قلب امرأة على زوجها او خطيبها أو أن يكون سببا في إنهاء علاقة أحلها الله وأرادها أن تنتج ثمرا طيبا؟ أين نحن من براءة النبي صلى الله عليه وسلم ممن عمل عملا كهذا؟ ألم نسمعه يقول:" ليس منا من حلف بالأمانة ومن خبب على امرئ زوجته."
أخيرا: آن لنا أن نعطي العلاقة بين الذكر والأنثى قدسيتها ونزرع في نفوس شبابنا أن الخطوبة ليس لعبة يتسلون بها حتى إذا ملت أنفسهم ألقوا بها واتخذوا لأنفسهم غيرها:
 

  • إنه الميثاق الغليظ كما سمّاه الله عز وجل( وأخذن منكم ميثاقا غليظا) وليس المؤمن بناكث للميثاق .
  • إنه الوعد الذي لا يليق بمؤمن نكثه وإخلافه.
  • إنها المروءة التي تقتضي أن نحفظ لبنات المسلمين وباب المسلمين كرامتهم ومشاعرهم وحقوقهم فلا نسبب لهم الخسارات المادية والمعنوية والنفسية من خلال العبث بموضوع تكرار الخطوبة وتكرار فسخها.


المجلس الإسلامي للافتاء
29 ربيع اول 1438هـ ، الأربعاء 28.12.2016م