المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
الأقسام
حديث اليوم
قال أحد الشعراء : « فلا وأبيك ما في العيش خير ...ولا الدنيا إذا ذهب الحياء... يعيش المرء ما استحيا بخير ...ويبقى العود ما بقي اللحاء »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
عن أبي ذر رضي الله عنه أن أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يُصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال: ( أوليس الله جعل لكم ما تصدقون به إن لكم بكل تسبيحة صدقة , وكل تكبيرة صدقة , وكل تحميدة صدقة وكل تهليله صدقة , وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة ,وفي بُضع أحدكم صدقة ) قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال:( أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ).
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
إثبات الهلال
تاريخ: 7/2/09
عدد المشاهدات: 2283
رقم الفتوى: 397

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
تفصيل المسألة :
تولد الهلال : خلال الشهر القمري في دورة القمر حول الأرض يجتمع كل من الأرض والقمر والشمس مرتين على خط واحد تقريباً عندما يكون القمر بدراً , حيث تكون الأرض بين القمر والشمس والثانية بعدها بحوالي 14.5 يوماً عندما يصبح القمر محاقاً , حيث يكون القمر بين الشمس والأرض , وحيث أن القمر كوكب أو جرم مظلم فهو لا يرسل أي أشعة , لذلك لا يمكن رؤيته من على سطح الأرض إلا عن طريق قيامه بعكس الأشعة الواقعة عليه من الشمس فيكون القمر في هذه الحالة كالمرآة التي أعطت ظهرها لمصدر الضوء والتالي لا تجد أشعة لتعكسها , لذلك لا يمكن رؤيته . ولكي يولد الهلال الجديد أي يمكن رؤية القمر مرة أخرى من على سطح الأرض يجب أن يخرج القمر من تزامنه على خط واحد مع الأرض والشمس بالقدر الذي يمكنه من عكس مقدار كاف من أشعة الشمس والذي يمكن أن تلتقطه العين الآدمية , ولكي يصل القمر إلى هذا الحد الأدنى من الرؤية يكون عمره قد أصبح من 17 إلى 20 ساعة ويكون قد أخذ زاوية مقدارها حوالي 12 درجة من الشمس غير أن هناك شرطاً أساسياً آخر حتى يتمكن من رؤية الهلال وهو أن يحدث وضع المحاق قبل غروب الشمس بوقت كاف يسمح للقمر بأن يصل للوضع الذي يصبح فيه مرئياً حتى يمكن رؤيته بعد غروب الشمس مباشرة , ففي هذه الحالة يبقى القمر مرئياً لمدة 48 دقيقة فقط بعد الغروب , أما إذا حدث وضع المحاق عند غروب الشمس أو بعده فلا يمكن في هذه الحالة رؤية الهلال وهكذا تكون تلك أل 17 ساعة ما بعد المحاق من أهم العوامل التي أحدثت خللاً في التنبؤ بالتقويم الهجري . مع العلم أن دورة القمر حول الأرض تأخذ حوالي 29.5306 يوماً , إذن لا يوجد شهر 29 يوماً بالضبط أو 30 يوماً بالضبط , لذلك يلعب التقريب دوراً كبيراً في الحسابات الفلكية لبداية كل شهر قمري مما يجعله عاملاً آخر من عوامل الخلل في التنبؤ بالتقويم .
وهناك عامل آخر يؤثر على التنبؤ برؤية الهلال لكنه ما زال غير معروف على نطاق واسع وهو الخط الزمني القمري , فالهلال يمكن أن يرى في مكان ما دون أن يعني هذا إمكانية رؤيته في جميع الأماكن الواقعة على نفس خط الطول .
وقد اكتشف هذا الخط وقام بتسميته العالم الفلكي الدكتور محمد إلياس الماليزي وعبر هذا الخط المنحني i.i.d.l قسم العلم إلى ثلاث مناطق تتحد في رؤية الهلال وهي : الأمريكيتان , منطقة , أوروبا وأفريقيا وغرب آسيا , منطقة , وشرق آسيا والمحيط الهادي , منطقة . وقد وضع في كتابه الأوقات والقبلة الذي صدر في عام 1984 للميلاد البيانات اللازمة لمدة 25 سنة تم تجربة هذا الخط الزمني ومقارنة نتائجه مع الرؤية لأكثر من 10 سنوات في دول إسلامية وقد اثبت دقة فائقة في التنبؤ , حيث أنه يعتمد على القاعدة الشرعية لبداية الشهور الهجرية , وهي رؤية الهلال وليس المحاق .
إن فقهاء الإسلام الأوائل في المذاهب المختلفة يكاد يتفق رأيهم في عدم اعتبار الطرق الحسابية الفلكية في إثبات بداية الأشهر الهجرية , حيث أن الحساب الفلكي في أزمنتهم كان مقروناً بالتنجيم , إلا أن الحساب الفلكي الآن يختلف عن التنجيم من حيث الدقة العلمية , حيث يعتمد على علمين حديثين هما : الهندسة الكروية والميكانيكا السماوية , وهما العلمان الأساسان اللذان استطاع بهما الإنسان الهبوط على سطح القمر منذ حوالي الربع قرن .
ولقد لخص العلامة الشيخ الأستاذ المختار الإسلامي رأيه في أن يعتبر الحساب وسيلة يقينية لثبوت دخول الشهور القمرية ونهايتها , وأن العبرة بوضع القمر وضعاً تمكن رؤيته , وأن كل دعوى رؤية تخالف الحساب هي دعوى مرفوضة يكذب فيها صاحبها شأن الشهادة بما يخالف الواقع , وأن القصد هو العمل على توحيد المسلمين في أعيادهم وفي صومهم ونسكهم .
أما في اختلاف المطالع :
فقد اختلف الفقهاء على رأيين في اختلاف المطالع : ففي رأي الجمهور يوحد الصوم بين المسلمين , ولا عبرة في اختلاف المطالع .
وفي رأي الشافعية يختلف بدء الصوم والعيد بحسب اختلاف مطالع القمر بين مسافات بعيدة ولا عبرة لاختلاف المطالع في البلدان القريبة في الأصح من مذهبه .,
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ... ) [ رواه البخاري ومسلم ] . وهو واضح في إيجاب الصوم على كل المسلمين بمطلق الرؤية , فإذا رأى القمر قطر وجب الصوم على جميع الأقطار .
فالخطاب عام للمسلمين جميعاً باعتبارهم أمة واحدة فأي مسلم في أي مكان رأى الهلال رؤية يقينية شرعية فرؤيته رؤية للمسلمين جميعاً .
القائلون بالحساب الفلكي :
لقد كان الفضل للتابعي الجليل مطرف بن عبد الله الشخير المتوفى سنة 78 للهجرة في أنه أول من قال بالحساب طريقاً لإثبات الرؤية , ثم قال بذلك ابن مقاتل الرازي في القرن الثاني الهجري , وبعده ابن قتيبة الدينوري المتوفى عام 276 للهجرة , ثم ابن شريح الشافعي المتوفى عام 301 للهجرة , ثم ابن دقيق العيد فالسبكي الشافعي المتوفى عام 756 للهجرة , والشيخ محمد مصطفى المراغي , والسيد محمد رشيد رضا , والشيخ محمد بخيت المطيعي , ومن المعاصرين الحافظ ابن صديق الغماري وأحمد محمد شاكر ومحمد فتحي الدريني ومصطفى أحمد الزرقا والدكتور يوسف القرضاوي وهم في الواقع قلة قياساً مع من يقول بالرؤية العينية .
والمشكلة الفقهية تتركز في السؤال : هل الرؤية تعبدية أم هي معللة بالظروف القائمة زمن النبوة ؟
وبالطبع يميل معظم العلماء الأقدمين وكثير من الباحثين المعاصرين إلى اعتبارها تعبدية , فيما يذهب كل من قال بالحساب الفلكي إلى اعتبارها معللة .
والخلاصة ما قاله الدكتور يوسف القرضاوي في هذه المسألة : أن يأخذ العلماء بمبدأ الحساب الفلكي في النفي لا في الإثبات تقليلاً للاختلاف الشائع الذي يحث كل سنة في بدء الصيام وفي عيد الفطر , إلى حد يصل إلى ثلاثة أيام بين بعض البلاد الإسلامية .
ونرى في المجلس الإسلامي للإفتاء :
أولاً : أن نأخذ بالحساب في النفي وأن نظل على إثبات الهلال بالرؤية وفقاً لرأي الأكثرين من أهل الفقه في عصرنا , ولكن إذا نفى الحساب إمكان الرؤية وقال : أنها غير ممكنة , لأن الهلال لم يولد أصلاً في أي مكان من العالم الإسلامي كان الواجب ألا يقبل الشهود بحال , لأن الواقع الذي أثبت العلم الرياضي القطعي يكذبهم , بل في هذه الحالة لا يطلب ترائي الهلال من الناس أصلاً ولا تفتح المحاكم الشرعية ودور الفتوى أو الشؤون الدينية أبوابها لمن يريد أن يدلي بشهادة عن رؤية الهلال .
ثانياً : أن السعي إلى وحدة المسلمين في صيامهم وفطرهم أمر مطلوب دائماً , ولا ينبغي اليأس من الوصول إليه , ولا من إزالة العوائق دونه , ولكن الذي يجب تأكيده وعدم التفريط فيه بحال هو : أننا إذا لم نصل إلى الوحدة الكلية بين الأقطار الإسلامية فعلى الأقل يجب أن نحرص على الوحدة الجزئية بين أبناء القطر الواحد .
والله تعالى أعلم