ما هو حكم بيع الثمار والخضار والزرع في الأرض قبل ظهوره أو بعد ظهوره قبل بدو صلاحه ونضجه أو ما يسمى بالضمان؟
بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو حكم بيع الثمار والخضار والزرع في الأرض قبل ظهوره أو بعد ظهوره قبل بدو صلاحه ونضجه أو ما يسمى بالضمان؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
أما تسمية هذا النوع من البيع بالضمان فهي تسمية خطأ، وليس هذا الذي يعنينا من هذه المسألة، بل الذي يعنينا مضمون هذا النوع من البيوع.
المسألة الأولى : وهي بيع الثمار في الأرض قبل ظهورها:
نرى كثيراً من الفلاحين من يشتري الثمار قبل وجودها، حتى بمجرد ظهور الزهر ( النوار ).
اتفق العلماء على بطلان هذا البيع، لأنه بيع المعدوم ( غير موجود )، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المعدوم , ونهى عن بيع الغرر لما فيه من غرر وجهالة , إذ لعله تصيبه جائحة من حر أو برد شديدين أو ريح أو غيرها، لذلك برر رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي بقوله: ( أرأيت إن منع الله الثمر بم يأخذ أحدكم مال أخيه )، وفي رواية: ( فبم تستحل مال أخيك ) . [ رواه البخاري في البيوع رقم (2086)، ومسلم في المساقاة رقم (1555)، وانظر : المجموع 5/324 , حاشية ابن عابدين 4/255، القوانين الفقهية ص173، المغني 2/75 نيل الأوطار 5/276 ] .
المسألة الثانية: وهي بيع الثمر على الشجر أو الزرع قبل بدو صلاحه ونضجه:
قبل الحديث عن حكم هذا البيع لا بد أن نبين ما هو ضابط النضج .
علامات النضج تختلف باختلاف الثمر إلى قسمين وهما:
أ- فيما كان يتلون: أن يحمر أو يصفر أو تظهر عليه علامات نضجه المعهودة.
ب- وفي غير المتلون: أن تظهر عليه مبادىء النضج ويتحقق فيه ما يقصد منه كحموضة أو حلاوة ولين ونحو ذلك. [ الفقه المنهجي 3/31 ] .
ذهب جمهور العلماء إلى بطلان هذا البيع وأكد النهي للبائع والمشتري وذلك لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمبتاع. [ البخاري – البيوع (2084) ومسلم – البيوع (1074) ].
وفي حديث آخر: نهى أن تباع ثمرة النخيل حتى تزهو قيل: وما يزهو؟ قال: يحمار أو يصفار. [ البخاري ومسلم في البيوع ].
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسم نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن بيع السنبلة حتى تبيض ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري. [ أخرجه الترمذي (1126) ].
قال القرطبي: من باع ثمراً قبل بدو صلاحه بشرط التبقية فسخ بيعه، ورد النهي عنه ولأنه أكل المال بالباطل. انظر: [ تفسير القرطبي 7/52، المجموع 2/322، البحر الرائق 5/327، المغني 2/285، شرح الزرقاني 3/397 ].
وذهب الجمهور إلى جواز بيع الثمار قبل بدو صلاحه بشرط القطع حالاً، لأنه بيع معلوم يصح قبضه حالة العقد فصح بيعه كسائر المبيعات. [ تفسير القرطبي 7/52 . الكافي في فقه ابن حنبل 2/75 , المهذب 1/281 ].
المسألة الثالثة: هي بيع الثمر بعد بدو صلاحه:
ذهب جمهور العلماء إلى جواز بيع الثمار بعد بدو صلاحها ونضجها بشرط القطع أو بشرط إبقائها حتى الحصاد أو القطف لأن النهي ورد عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه وعن بيع الحب حتى يشتد، يدل مفهومه على جواز البيع بعد بدو الصلاح والاشتداد، وللمشتري تبقيته إلى الحصاد أو القطاف لأن العرف يقتضيه. انظر: [ البحر الرائق 5/327، القوانين الفقهية ص173، المهذب 1/281، المغني 4/75 ].
قال ابن قدامة : النهي عن البيع قبل بدو الصلاح وتأمن العاهة ( التلف ) وتعليله يأمن العاهة يدل على التبقية فيجب أن يكون ذلك جائزاً بعد بدو الصلاح وإلا لم يكن بدو الصلاح غاية ولا فائدة في ذكره. [ المغني 2/75 ].
وعلى كل حال نقول: لكل من آمن بالله تعالى وصدق برسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن أن الموت حق والوقوف بين يدي الله تعالى للحساب يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، أن يسمع إلى قول الحق ويخضع ويطيع لأمر الشرع ويبتعد عما نهى عنه، ولو ظهر له أن هذا البيع الباطل مصلحة له وربح وفير فليعلم أن مخالفة أمر الله ومعصيته هو الخسران المبين.
والله تعالى أعلم
14/7/2006