بسم الله الرحمن الرحيم
جلسة الاستراحة
س: ما حكم جلسة الاستراحة في الصلاة؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وبعد:
جلسة الاستراحة هي جلسة خفيفة جداً أقل من الجلسة بين السجدتين وتسمى بجلسة الأوتار؛ لأنها تكون في السجدة التي يعقبها قيام، أي تكون في الركعة الأولى والثالثة. قال النووي في المجموع(3/441):" جلسة لطيفة جداً ".
وهي جلسة مستحبة لكونها تحقق الاطمئنان المأمور به في الصلاة.قال النووي في المجموع(3/443):"مذهبنا الصحيح المشهور أنها مستحبة".
والأدلة الدالة على استحبابها صريحة في ذلك. والمثبت مقدم على النافي. فعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث المسيء صلاته:"اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً "{رواه البخاري}. وعن مَالِك بْن الْحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيّ: أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا.{رواه البخاري}.
وعَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِىَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِىَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُ أَكْبَرُ». وَرَكَعَ ثُمَّ اعْتَدَلَ فَلَمْ يُصَوِّبْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقْنِعْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ:«سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَاعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِى مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلاً ثُمَّ أَهْوَى إِلَى الأَرْضِ سَاجِدًا ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُ أَكْبَرُ». ثُمَّ جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ وَفَتَخَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ(أَيْ ثَنَاهَا وَلَيَّنَهَا فَوَجَّهَهَا إِلَى الْقِبْلَةِ) ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَعَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ اعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلاً ثُمَّ أَهْوَى سَاجِدًا ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ». ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ وَقَعَدَ وَاعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ نَهَضَ ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِىَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا صَنَعَ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلاَةَ ثُمَّ صَنَعَ كَذَلِكَ حَتَّى كَانَتِ الرَّكْعَةُ الْتي تَنْقَضِي فِيهَا صَلاَتُهُ أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَعَدَ عَلَى شِقِّهِ مُتَوَرِّكًا ثُمَّ سَلَّمَ.{رواه الترمذي: قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ}. قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ يَعْنِى قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ.
(فَلَمْ يُصَوِّبْ رَأْسَهُ) مِنْ التَّصْوِيبِ أَيْ لَمْ يَحُطَّهُ حَطًّا بَلِيغًا بَلْ يَعْتَدِلُ، وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ اِعْتَدَلَ.
(وَلَمْ يُقْنِعْ)مِنْ أَقْنَعَ رَأْسَهُ إِذَا رَفَعَ أَيْ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَكُونَ أَعْلَى مِنْ ظَهْرِهِ.{انظر: تحفة الأحوذي(1/335)}
فالناظر إلى الأدلة الآنفة يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الأولى للثانية يجلس جلسة خفيفة قبل القيام مما يدل على استحباب جلسة الاستراحة. ومثل ذلك عند القيام من الركعة الثالثة للركعة الرابعة.
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء
12 محرم 1432هـ الموافق 18/12/2010م