بسم الله الرحمن الرحيم
حديث "أنت ومالك لأبيك"، وحدود تصرف الأب بمال ابنه
س: ما مدى صحة حديث:"أنت ومالك لأبيك"؟ وما معناه؟ وما حدود تصرف الأب بمال ابنه؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وأصحابه الطاهرين وبعد:
الحديث صحيح، رواه ابن ماجة في سننه بلفظ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي مَالاً وَوَلَدًا، وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ:"أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ". وفي رواية عند أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصم أباه فقال: يا رسول الله، إن هذا قد احتاج إلى مالي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنت ومالك لأبيك". قال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند(2/204):"حسن لغيره".
{انظر: الفتح الباري(5/211)، خلاصة البدر المنير(2/203)، الألباني في مختصر إرواء الغليل(ص161)}
والمراد من الحديث أن على الولد أن ينفق على أبيه إذا احتاج الأب إلى ذلك لا أن مال الولد مملوك للأب، جمعا بين هذا الحديث والنصوص الأخرى التي تقيد الأخذ بالحاجة وتحرم أخذ المال بغير وجه حق، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا".
وروى الحاكم في مستدركه على الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها"، وقال(2/312):"هذا حديث صحيح". فرواية الحاكم تقيد النفقة على الوالدين بالحاجة.
{انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية(34/69)، النهاية في غريب الأثر للجزري(1/834)، تحفة الأحوذي (3/482)، صحيح ابن حبان(2/143)، شرح صحيح البخاري لابن البطال(3/544)، فتاوى اللجنة الدائمة(16/511)}.
ويشترط لجواز أخذ الأب من مال ولده الشروط الآتية:
الشرط الأول: أن يأخذ قدر حاجته المتعارف عليها بين الناس. فيجب على الولد أن يطبب والده من ماله إن لم يكن له مال، ويجب على الولد أن يهيئ لوالده المأكل والمشرب والمسكن إن كان محتاجا...
{انظر: نهاية المحتاج(21/179)، شرح مسند أبي حنيفة للقاري(ص215)}
جاء في فيض القدير(3/65):" فإذا احتاج {الأب} فله أن يأخذ منه قدر الحاجة فليس المراد إباحة ماله له حتى يستأصله بلا حاجة".
الشرط الثاني: أَنْ لَا يُجْحِفَ بِالِابْنِ، وَلَا يَضُرَّ بِهِ.
الشرط الثالث: وَلَا يَأْخُذ شَيْئًا تَعَلَّقَت بِهِ حَاجَتُهُ، فلو كان للابن سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه وليس له مال يمكنه من شراء بدلها فليس للأب أن يأخذها.
الشرط الرابع: أن لا يأخذ المال من أحد أبنائه ليعطيه لابن آخر على وجه التفضيل؛ لأن في ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء؛ ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض.
{انظر: المجموع(18/295)، المغني لابن قدامة(12/319)، عَوْنِ الْمَعْبُودِ(9/387)، المنتقى للفوزان(87/16)، فتاوى الأزهر(8/187)، فتاوى الشبكة الإسلامية(5/8068)}.
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء
8 ربيع الآخر 1434هـ الموافق 18/2/2013م