ما حكم صبغ شعر الرجل والمرأة ؟
الحمدُ لله رب العالمين والصّلاة والسّلام على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
تعود أسباب صبغ الشعر في الغالب إلى أمرين:
أ- ظهور الشيب.
ب- الرغبة في تغيير لون الشعر الطبيعي، ولو مع عدم ظهور الشيب.
والأمران جائزان سواء تمّ تغيير لون الشعر بسبب ظهور الشيب أم بقصد التزين والتجمل عند الجمهور ، وذلك لأنهّ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ بالصفرة، ولم يكن قد ظهر برأسه ولا لحيته شيب. [ البخاري، كتاب اللباس حديث رقم 5851 ]، وهذا الحكم يشمل الرجال والنساء، سواء كن متزوجات أم غير متزوجات، ولكن ضمن الضوابط التالية:
1- يجب على المرأة تغطية رأسها أمام الأجانب.
2- أن لا يكون الصبغ باللّون الأسود : لما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( غيّروا هذا واجتنبوا السواد ). [ رواه مسلم، كتاب اللباس والزينة، حديث رقم 1202 ].
ولما روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة ). [سنن أبي داود، كتاب الترجل، باب ما جاء في خضاب السواد، حديث رقم 4194، وقال ابن حجر الهيثمي: إسناده جيد. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد – لابن حجر الهيثمي 5/161] .
ويستثنى من النّهي عن الخضاب بالسّواد المجاهد لإظهار الشّباب والقوة فإنّه يرخص له اتفاقاً ، وقد يقال أيضاً بأنّه يعفى للمتزوجة بإذن زوجها إن أرادت الصّبغ في السّواد خصوصاً إذا طلب زوجها ذلك فلا مانع من تقليد من يقول بالكراهة وعدم الحرمة من الحنفية والمالكية والحنابلة ووجه عند الشاّفعية بالجواز ذكره النّووي في المجموع .
3- أن يكون الصبغ من الأصباغ المؤقتة، التي تزول بعد مضي مدة معينة من الزمن ولو طالت هذه المدة، أمّا إذا كان الصبغ دائماً لا يزول فلا يجوز، وذلك لأنه يترتب على الصبغ بهذه الحالة تغيير لخلق الله سبحانه وتعالى.
4- ألاّ ينطوي صبغ الشعر على تدليس وغش وخداع: لذلك كره علماء الشافعية أن يُغّير الشاب شعر رأسه من السواد إلى البياض استعجالاً للشيخوخة لأجل الرياسة والتعظيم وذلك بإيهام الناس أنه ذو شيبة ووقار. [ انظر: المجموع – للنووي 1/322 ].
وبناءً على ذلك لا بدّ للخاطب أن يُخبر من يتقدم لخطبتها بأن شعره ليس بطبيعي، وكذلك لا بد للمخطوبة أن تخبر من يتقدم لها بأن شعرها ليس بطبيعي.
5- يجب على المرأة المتزوجة استئذان زوجها بعملية الصبغ، فإن أذن صبغت، وإلا فلا يجوز.
6- أن لا يترتب على الصبغ ضرر جسدي: وبناءً على ذلك فإنه لا يجوز للمرأة الحامل استعمال الأصباغ الكيميائية، لأن المواد الكيميائية الموجودة في الأصباغ قابلة للامتصاص بالجلد، ومن ثم تصل الدورة الدموية وتستقر في النهاية – عن طريق الحبل السري – في جسم الجنين. [ انظر: مجلة طبيبك، العدد 462 ص58 ].
أمّا إذا كانت هذه الأصباغ لا تلحق ضرراً بصحة المرأة الحامل أو الجنين، فلا بأس باستعمالها.
7- أن لا تكون المرأة معتدة من وفاة: وذلك لأنّ المتوفى عنها زوجها لا يجوز لها أن تكتحل أو تختضب أو تمس طيباً، وذلك لما روي عن أم عطية أنها قالت: " كُنا نُنهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب ". [ رواه البخاري، كتاب الحيض، باب الطيب للمرأة، حديث رقم 313، مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة، حديث رقم 938 ].
8- أن لا يكون الصبغ خارماً للمروءة، كأن يكون الشعر مصبوغاً بأكثر من لون أو يكون فيه تشبه بأهل الكفر والانحلال، وأن لا يخالف العرف السائد.
والله تعالى أعلم