بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
الصلاة الحقيقية كما شرعها الله عز وجل تنهى عن الفحشاء والمنكر , كما قال الله تعالى : { ... وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر ... } .
والخمر لا شك من أكبر المنكرات لما فيها ما إضرار بالعقل والصحة والمال والشخصية , فضلاً عن أثرها على الأسرة والمجتمع , فإذا كان الإنسان ضعيف الإيمان , ضعيف اليقين , رقيق الدين , وحدث أن سوّل له شيطانه شرب الخمر , فالخمر – على كل حال – عند جمهور الفقهاء نجسة , والسكر منها يحول دون إقامة الصلاة كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ... } .
فإذا أفاق وغسل أثر الخمر , توضأ وصلى , فالمرجو إن شاء الله أن تكون صلاته في ذاتها مقبولة , وأن صلاته ستنهاه يوماً عن مثل هذا المنكر , وسيرتدع عن مثل هذا الأمر .
هذه فريضة يؤديها وهي الصلاة , وتلك جريمة يرتكبها وهي شرب الخمر , هذا عمل صالح , وذلك عمل سيئ , والله سبحانه وتعالى يحاسب الإنسان بالحسنات والسيئات , كل بمقدار لا يختل ولا ينقص مثقال ذرة ... حسناته مرصودة له , وسيئاته مكتوبة عليه . { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره . ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } .
الصلوات مكتوبة له , وشرب الخمر – أم الخبائث – مكتوبة عليه .
لا نقول له : ما دمت تشرب الخمر فاترك الصلاة , وذلك لأن الذي يصلي مأمول فيه إن شاء الله أن يرتدع ويمتنع عن أم الخبائث .
ولو سألتني : أيهما أولى , رجل يشرب الخمر ولا يصلي , ورجل يشرب الخمر ويصلي ؟ لقلت : الذي يشرب الخمر ويصلي أفضل على كل حال وأقل سوءاً من الآخر ... لأنه مرجو له الخير , وإن كان بعيداً عن إقامة الصلاة إقامة حقيقية مع تناول الخمر , وبعيداً عن المحافظة عليها محافظة المؤمنين الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى بقوله : { والذين هم على صلواتهم يحافظون } .
وفرق بين من يبيت ولسانه رطب بذكر الله تعالى , وبين من ينام وفمه رطب بأم الخبائث ممتلئ براحتها ... وهو غائب الوعي ... ومخبول العقل ...
والله تعالى أعلم