شخص يشتري سلعة ويعلم أن الثمن الذي يدفعه لهذا الشخص البائع سيشتري به محرمات كالمخدرات وغيرها , فما حكم هذا البيع ?
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
من الضروري أن نعلم أن الشرع الإسلامي جاء لكي يحقق المصلحة لعباد الله تعالى . فقد قال العلماء سلفاً وخلفاً : " حيث كانت المصلحة فثم شرع الله تعالى " . لهذا هناك قواعد وأصول فقهيه كثيرة مبنية على المقاصد والمعاني ¡ وان كان مبناها اللفظي يدل على شيء آخر نظراً لرفع الحرج والعنت عن المكلفين . فكانت الشريعة رحمة للعالمين .
فنقول في هذا البيع الذي يكون ابتداء حلالاً ولكنه يفضي إلى التوصل لمفسدة وهي شراء المخدرات : فإذا تيقن المشتري أن هذا البائع المسلم سيشتري بالمال الذي سوف يقبضه محرمات كالمخدرات وغيرها , فإن هذا البيع حرام سداً للذريعة فإنه ما وضع للإفضاء إلى مباح ولكن قصد به التوصل إلى مفسدة منع , سداً للذريعة كما قال ابن القيم في إعلام الموقعين ¡ وبه قال الشاطبي في الموافقات ¡ وعليه القول عند الإمام مالك وأحمد رحمهما الله تعالى فقد اعتبرا مبدأ الذرائع أصلاً من أصول الفقه , فقد قال ابن القيم : " إن سد الذرائع ربع الدين " , وكره ذلك الشافعي .
الأدلة :
- قوله صلى الله عليه وسلم : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) . [رواه النسائي والترمذي والحاكم وصححاه] .
- وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الحلال بين ¡ وإن الحرام بين , وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) . [رواه مسلم] .
- وقال صلى الله عليه وسلم : ( المؤمنون وقافون عند الشبهات ) . [ذكره الشوكاني في نيل الأوطار] .
- أما إذا لم يغلب على ظنه أن هذا البائع سوف يشتري بالثمن محرمات فإن هذا البيع صحيح بالاتفاق .
والله تعالى أعلم