بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
أولاً : لا يجوز الحلف بغير الله تعالى أو صفاته , وأجاز جمهور أهل العلم الحلف بالقرآن .
ثانياً : لا تجب الكفارة إلا بالحنث .
ثالثاً : اليمين اللغو هو أحد أقسام الأيمان الثلاثة وهي :
1- اليمين الغموس : وهي الكاذبة , وسميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في النار .
2- اليمين العقد ( المنعقدة ) : وهي التي وضعت بشروطها وأركانها .
3- اليمين اللغو : وهذه لا كفارة فيها بالإتفاق .
قال ابن جزي في " القوانين الفقهية " ص107 : " فاللغو لا كفارة فيه بالإتفاق " .
وقال الكاساني في " بدائع الصنائع " 3/17 : " اليمين اللغو فلا كفارة فيها .. بلا خلاف بيننا وبين الشافعي " .
ونقل غير واحد الإجماع على أن اليمين اللغو غير منعقدة ومن بينهم الدكتور محمد أبو فارس ص 55 , لكن رأيت من أهل العلم من احتاط فذكر أن لا كفارة فيها عند أغلب أهل العلم . قال ابن قدامة المقدسي : " وجملته أن اليمين اللغو لا كفارة فيها في قول أغلب أهل العلم " ( المغني 11/179 ) ... وهو الصواب .
ما هي طبيعة اليمين اللغو ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : " هو أن يحلف على شيء يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه " , ( الفتاوى 33/212 ) , ويسميها ابن تيمية : اليمين المغفورة , ( 35/325 ) .
ويمكن تصوير اليمين اللغو بحالات ثلاث :
1- أن يحلف الرجل على شيء يظنه كما حلف فلم يكن , قال ابن قدامة ( 11/181 ) : " أكثر أهل العلم على أن هذه اليمين لا كفارة فيها " , ومثال ذلك أن يقول الرجل : والله ما دخل أحمد البيت اليوم , وفي ظنه أنه لم يدخله وقد دخله .
2- أن يجري اسم الله على لسانه دون أن يقصد الحلف , كأن يقول : بالله تفضل عندنا ( القرضاوي – فتاوى معاصرة ص414 ) وأصل ذلك كله : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم .. } , روى البخاري ومسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " نزلت هذه الآية في قول الرجل : لا والله , بلى والله , وكلا والله " . [ البخاري 8/168 , والآية من سورة المائدة رقم : 89 ] .
وفي رواية أبي داود : " هو كلام الرجل لا والله , وبلى والله " .
وهذا شائع في زماننا وبخاصة في الدلالة على الكرم , كقول الرجل : والله لتأكلن عندنا اليوم , أو تبيت ليلتك ... فهذا كله ما لم يعقد الرجل فيه النية فلا كفارة فيه . أنظر الشرح الكبير ( 1/183 ) .
3- الهزل والمزاح والغضب : وهو مما أدخله جمعٌ من أهل العلم في باب اليمين باللغو , قال ابن قدامة في " المغني " ( 11/180 ) : " وروى الزهري أن عروة حدثه عن عائشة قالت : اليمين اللغو ما كان في المراء والهزل والمزاحة " , وهو ما استدل به النووي في " المجموع شرح المهذب " ( 6/468 ) لسقوط الكفارة عن الحالف مازحاً أو هازلاً .
ومن أجمع ما قرأت في الباب قول النووي في " الروضة " ( 11/3 ) : " ... من سبق لسانه إلى لفظ اليمين بلا قصد كقوله في حالة غضب أو لجاج أو عجلة أو صلة كلام : لا والله وبلى والله , لا تنعقد يمينه ولا يتعلق بها كفارة , ولو كان يحلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره فكذلك وهذا كله يسمى لغو يمين " .
وقال ابن حجر في " الفتح " ( 11/548 ) : " ونقل إسماعيل القافي عن طاووس لغو اليمين أن يحلف وهو غضبان " , وانظر : ابن جزي – " القوانين الفقهية " ( ص107 ) .
والله تعالى أعلم