المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
عنْ أَبي أَيوبِ رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ رواهُ مُسْلِمٌ.
الأقسام
حديث اليوم
قال عمر رضي الله عنه : « إن مما يصفي لك ود أخيك ثلاثا : تبدأه بالسلام إذا لقيته ، وتدعوه بأحب أسمائه إليه ، وتوسع له في المجلس »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال:( تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف). رواه البخاري
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
استغلال المال العام
تاريخ: 13/3/10
عدد المشاهدات: 3838
رقم الفتوى: 489

بسم الله الرحمن الرحيم

استغلال المال العام

 

س: ما هو حكم الشرع في استغلال المال العام واستخدامه في غير وجهه الشرعي؟

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

المال العام: هو المال غير الداخل في ملك الأفراد، وإنما يخضع للمصلحة العامة، وذلك مثل المدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات و الطرق... الخ

والمال العام له حرمة في الشرع كالمال الخاص بل أشد، لأن الاعتداء عليه اعتداء على حقوق المجتمع كله، أما الاعتداء على المال الخاص فهو اعتداء على حق فرد واحد، والمال الخاص له من يحميه، أما المال العام فحمايته مسؤولية المجتمع كله.لذا يحرم التساهل في استخدامه وكأنه لا مالك له.  {انظر: يسألونك لحسام الدين عفانة(8/157)،(10/192)، فتاوى الأزهر(10/376)، فتاوى الشبكة الاسلامية(3/2726)، فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين(88)}.

 والتعدي على المال العام واستغلاله دون وجهه الشرعي يدخل في باب الغلول وأكل أموال الناس بالباطل، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}النساء:29}.

وَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَرَةً مِنْ سَنَامِ بَعِيرٍ فَقَالَ:"أَيُّهَا النَّاسُ هَذِهِ مِنْ غَنَائِمِكُمْ فَأَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ وَمَا دُونَ ذَلِكَ وَمَا فَوْقَهُ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَارٌ وَشَنَارٌ". وكَانَ رجل يُرْحِلُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرِبٌ فَمَاتَ قَالَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كَلّا فَإِنَّ الْعَبَاءَةَ الَّتِي غَلَّهَا مِنْ الْمَغْنَمِ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وَالْغُلُولُ السَّرِقَةُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ حَرَامٌ ومثله السرقة من المال العام واستغلاله دون وجهه الشرعي وصرفه في المصلحة الخاصة.{انظر:المبسوط(11/485)، اللباب في شرح الكتاب(1/398)، تحفة الملوك(1/180)، الثمر الداني(1/412)،

وعن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: سمعت النبي  صلى الله عليه وسلم يقول:"إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة"{رواه البخاري}.

قال الحافظ ابن حجر:"قوله"يتخوضون في مال الله بغير حق" أي يتصرفون في مال المسلمين بالباطل".{فتح الباري(6/263). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع"{رواه البخاري ومسلم}.

ومن العلماء من جعل المال العام كمال اليتيم بالنسبة للولي لا يتصرف فيه إلا بما يحقق مصلحة اليتيم ونقل مثل ذلك عن عمر رضي الله عنه.  ومن القصص المشهورة عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كان عنده مصباحان أحدهما للدولة يستعمله عند قضاء مصالحها والآخر مصباح شخصي له يشعله إذا انتهى من مصالح الدولة.

والموظف العامل في المال العام هو بمثابة الأجير، والأجير لا بد أن يكون أميناً ويدخل في الأمانة: الأمانة في حسن أداء العمل و الأمانة في استخدام أدوات العمل والمحافظة عليها وغير ذلك.قال الله تعالى:{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}القصص: 26.

ويقول تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا...}النساء: 58 . ويقول تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}المؤمنون:8 .

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال:"يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها"{رواه مسلم}.

وعليه فلا يجوز للموظف أن يستعمل أدوات العمل في حوائجه الخاصة إلا ما جرى العرف في التسامح به أو وجد قانون في المؤسسة يجيز فعل بعض الأمور تسهيلا على العاملين واستقطابا لهم ( والأولى التعفف عن استعمالها ).

يقول د.حسام الدين عفانه حين سئل عن استخدام سيارة الشركة في المصالح الخاصة:" إن السيارة التي أعطتك إياها المؤسسة لتستخدمها في العمل يجب أن يكون استخدامها في نطاق العمل وما يخدمه وبالتالي لا يجوز استخدامها في الأمور الخاصة كالذهاب بها في الرحلات أو العمل عليها كسيارة أجرة ونحو ذلك فهذا كسب لا شك حرام.

ومثل ذلك استخدام تلفون ( هاتف ) المؤسسة فينبغي أن يكون في الأصل في شؤون العمل وأما استخدام التلفون في الأمور الشخصية كمن يتصل بمن يريد من أهله وأقاربه خارج البلاد مستعملاً تلفون المؤسسة فلا يجوز ذلك. وقد يغض النظر عن بعض الاتصالات الداخلية التي يجريها الموظف لبعض شؤونه الخاصة وكذا استخدام بعض الأدوات اليسيرة في شؤونه الخاصة مما تعارف الناس عليه كاستخدام ورقة أو تصويرها ونحو ذلك ومن المعروف أن العرف له اعتبار فلذا الحكم عليه قد يدار ولكن لا يجوز التوسع في هذا الباب لأن الأصل حرمة المال العام. وأظن أنه يوجد في بعض المؤسسات العامة أنظمة وتعليمات لتنظيم استخدام الأموال العامة وما في حكمها كالسيارات فإن وجدت مثل هذه الأنظمة والتعليمات فيجب الالتزام بها"{يسألونك(8/159)}.

إن كثيراً من الناس يتساهلون في الأموال العامة التي تكون تحت تصرفهم وأقصد أموال الوزارات وأموال المؤسسات العامة حكومية كانت أو غير حكومية فترى بعض المسئولين كباراً كانوا أم صغاراً يعتبرون المؤسسة أو المكتب الذي يعملون فيه وكأنه مزرعتهم الشخصية فالواحد منهم حر التصرف فيها كما يشاء أضف إلى ذلك خيانة الأمانة واستغلال المنصب للأمور الشخصية وأمثال هؤلاء الموظفين الذين خانوا الأمانة يتجاهلون أن أعمالهم هذه ستكون وبالاً عليهم في الآخرة.

{انظر: يسألونك لحسام الدين عفانة(8/157)،(10/192)، فتاوى الأزهر(10/376)، فتاوى الشبكة الاسلامية(3/2726)}.

ولا يجوز للفرد استغلال منصبه العام في تحقيق مآربه ومصالحه الشخصية، روى الإمام البخاري بسنده عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال:استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا مالكم وهذا أهدي إليَّ. فقام النبي صلى الله عليه وسلم  فصعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:"ما بال العامل نبعثه فيأتي يقول: هذا لك وهذا لي؟ فهلَّا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأتي بشيء إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر...".

لذا نوجّه إدارات ومسؤولي المؤسسات العامة إلى ضرورة وضع قانون داخلي يُنظم ويضبط استعمال الأموال التابعة للمؤسسة بالعدد والكم والكيفية للأمور الشخصية إذا سمحت المؤسسة في ذلك.

 

والله تعالى أعلم

 المجلس الإسلامي للإفتاء

5 ربيع الأول 1431هـ الموافق: 20/2/2010م