" حكم إظهار الصّدقات وتصويرها "
يقول السّائل : نرى كثيراً من المتبرعين للآبار في الدّول الفقيرة ينشرون ما تبرعوا به فهل يجوز ذلك ؟
الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيدنا محمّد المبعوث رحمة للعالمين؛ وبعد :
إخفاء الصّدقة أفضل من إظهارها لأنّه أدعى للصدق وأحفظ للقلب من الرّياء وأدفع للنفس من العُجْب .
قال الله تعالى : ( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) [البقرة : 271]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير الآية الكريمة السّابقة :
" وَالْأَصْلُ أَنَّ الْإِسْرَارَ أَفْضَلُ لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجِمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ الله رب العالمين، وَرَجُلٌ تَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ» انظر : ( تفسير القرآن العظيم، لابن كثير ، ج 1 / 540 ) .
وروى الامام الطّبراني في الأوسط عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم ( صدقة السر تطفئ غضب الرب ) رواه الطبراني في "الأوسط" (943 ) وهو حديث صحيح .
إلاّ اذا دعت مصلحة دعوية معتبرة للاظهار والإعلان كتشجيع النّاس وحثّهم على التبرع ونحو ذلك .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى : قَوْلُهُ تعالى : " إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا " هِيَ أَيْ إِنْ أَظْهَرْتُمُوهَا فَنِعْمَ شَيْءٌ هِيَ ؛ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ إِسْرَارَ الصدقة أفضل من إظهارها، لأنه أَبْعَدَ عَنِ الرِّيَاءِ إِلَّا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى الْإِظْهَارِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ مِنَ اقْتِدَاءِ النَّاسِ بِهِ، فَيَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ " ( تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير ، 1 / 539 - 540 ) .
وبناءً عليه إذا كان بنشر صور وأسماء المتبرعين للآبار حثّ للآخرين وتعميق ثقة النّاس بالقائمين على المشروع فلا حرج .
الثّلاثاء 26 صفر 1442 ه
13.10.2020 م