قولوا لها " نجاسة الفكر الملوّث أخطر من نجاسة الكلب "
يا شيخ: عندي كلب أحبّه كثيرًا مثل أولادي وأكثر وأعتني به كثيرًا من حيث النّظافة والتّطعيم وأكل مخصوص ؟ فهل يعتبر هذا الكلب نجس ؟
الجواب: قبل الحديث عن نجاسة الكلب لا بدّ من الحديث عن نجاسة الفكر الملوّث الذّي انحدر بالبعض إلى هذا المستوى ممّا جعله يوازي في المشاعر والعاطفة بين ابنه وكلبه !!! حقًا إنّ الدّنيا آخر وقت فقد انقلبت الموازين كلّها حتى أدركنا ذلك الزّمان الذّي كنّا نقرأ عنه في كتب الأقدمين : " يأتي على النّاس زمان لئن يربي أحدهم جرو كلبٍ خير له من أن يربي ولدًا من صلبه " !!! والله عشنا وشفنا !!!
اتفق العلماء على حرمة اقتناء الكلب سواء في البيت أم خارجه إلاّ لضرورة ككلب الزرع أو الصّيد أو الماشية ويلحق بذلك كل حاجة كالحراسة .
والدليل على حرمة اقتناء الكلب لغير ضرورة ما رواه البخاري (2322 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ ) .
وما رواه مسلم (1575) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلا مَاشِيَةٍ وَلا أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ ) .
هذا وقد اختلف الفقهاء في تحديد حكمة النهي عن اقتناء الكلب فمنهم من قال بسبب النجاسة ومنهم من قال لأنه من الحيوانات الضّارية - المؤذية- لأنّه قد يعدو على صاحبه ولو كان أليفًا بسبب ما يصيبه من داء الكَلَبِ المشهور في عالم الكلاب .
والمتفق عليه من الحِكَمِ : أنّ الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب لما جاء في صحيح البخاري : " لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ " فلو لم يكن إلاّ هذا السّبب للتحريم لكفى.
عدا عن الأضرار الصّحية التي يمكن أن تسببها الكلاب حتى لو كانت مطعمة .
هنالك اختلاف في نجاسة الكلب : حيث اعتبر الشّافعية الكلب نجسًا كلّه ، وقال الحنفية الكلب ليس بنجس العين بمعنى أنّ شعره ليس بنجس وإنّما لعابه وريقه هو النّجس وكذلك لحمه ودمه وفضلاته ، وقال المالكية لعاب الكلب ليس بنجس .
مع الإنتباه أنّ جميع المذاهب الفقهية متفقة على حرمة تربية الكلب واقتنائه إلاّ لضرورة كحراسة أو لزرع أو لصيد أو لماشية ولكن الإختلاف في نجاسته .
وأخيرًا نقول لمن استبدل الكلاب بالملائكة : هل علمت الآن سبب انتزاع البركة من بيوتنا ؟!! يا ليت قومي يعلمون !!
أ . د . مشهور فوّاز رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء في الداخل الفلسطيني 48