الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ وبعد :
ذكر ابن حجر الهيتمي في كتابه الزّواجر : من جمع بغير سبب فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر .
إنّ مسألة الجمع بين الصّلوات بسبب المطر مسألة متكررة في كلّ فصل شتاء وتثار في كلّ مسجد بل هي حديث المجالس والجلسات وكأنّها أصبحت قضية الإسلام الكبرى ، ولا ندري متى ستحسم هذه المسألة ونتجاوز النقاش حولها لنشتغل في مسائل وقضايا عملية أخرى ملحة على مستوى الفرد والمجتمع في بلادنا .
إنّ البعض يطالب الإمام في الجمع وكأنّه يظنّ نفسه بأنّه يطالب رئيسًا أو مسؤولاً أو مُشغّلاً بتعديل ساعات العمل أو زيادة أيام الاستراحة والعطل أو زيادة المعاش وحقوق النقاهة ونحو ذلك من حقوق العمّال .
بل بلغنا أنّ بعض النّاس من يتجرأ ويقيم بعد انتهاء الصّلاة الأولى جماعة جديدة للجمع على مرأى ومسمع الإمام والحاضرين ، وبعضهم ينتظر على بوابة المسجد ليرقب تكبيرة الاحرام فإن أخبر الإمام المأمومين بنية الجمع دخل وإلاّ ولّى باحثًا عن مسجد آخر فيه تسهيلات وتنزيلات أوسع وأشمل في الجمع بين الصّلوات !!
ومن الطُُّرَفِ التّي وصلتنا عن بعض الثقات أنّه كان ذات يوم قد أدّى صلاة الجمعة في أحد المساجد وبعد الخطبة شاور الإمام النّاس هل ننوي الجمع أم ماذا ترون ، فاختلف النّاس في المسألة ، فمنهم من قال نعم اجمع ومنهم من قال لا يجوز الجمع لعدم نزول مطر ، فاحتار الامام المسكين بأيّ الآراء يأخذ فلا يريد أن يرضي البعض ويكسف البعض الآخر ، وللخروج من هذا الحرج قال لهم : خلاص لا نجمع الآن ولكن أعدكم بأن أعوضكم المغرب بذلك !!
والعجيب أنّ المساجد يوم توقع الجمعِ تعجّ بالمصلين الذّين لا تواجد لهم في الأحوال العادية في المساجد وإنّما في مثل هذه الظّروف التي يرجى فيه الجمع تجدهم في أوائل الصّفوف ينتظرون الفرج بإعلان الإمام عن نية الجمع .
الجمع أيّها الإخوة ليس قربة ولا سنة بل هو بأحسن أحواله خلاف الأولى:
يظنّ بعض النّاس أنّ الجمع بين الصّلوات سنة أو قربة يتقرب بها بل بعضهم يعتبره من الثوابت الشرعية التي لا يجوز التنازل ولا التفريط بها ، بحيث يتهجم على الإمام فيما لو ترك الجمع وكأنّه ارتكب محظورًا من المحظورات ، فترك الجمع في قاموسه الفقهي : " خط أحمر " لا يجوز تجاوزه !! والحقيقة خلاف ذلك تمامًا.
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء
عنهم:أ.د.مشهور فوّاز رئيس المجلس