بسم الله الرحمن الرحيم
فراغ المال عن الحاجة الأصلية
س: من شروط المال الذي تجب فيه الزكاة أن يكون فارغا من الحاجة الأصلية، فما هي حدود الحاجة الأصلية؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وبعد:
الحاجةُ: ما يفتقرُ إليه الإنسانُ ويطلبُه انظر: [إبراهيم أنيس و(آخرون) : المعجم الوسيط ج2 ص946 ]، وفَسَّرَ ابنُ ملك انظر: [هو محمدُ بنُ عبدِ اللطيفِ بن عبدِ العزيزِ، ابن فرشتا، المعروف بابن ملك الكرمانيّ، فقيهٌ حنفيٌّ كأبيهِ. له كتبٌ، منها "شرح الوقاية"، و"شرح مصابيح السنة للبغوي". توفي 854هـ . انظر: الزركلي: الأعلام (6/217) ] الحاجةَ الأصليَّةَ بما يدفعُ عنه الهلاكَ تحقيقاً كثيابِه أو تقديراً كدَّينِه . انظر: [الحصكفيّ : الدُّر المختار بشرحه الرد المحتار ج3 ص167 ].
والأولى أنْ تُتركَ لتقديرِ أهلِ الرأي واجتهادِ أولي الأمرِ؛ لأنَّ الحاجاتِ الأصليَّةَ للإنسانِ تتغيرُ وتتطورُ بتغيرِ الأزمانِ والبيئاتِ والأحوالِ. انظر: [القرضاوي: فقه الزكاة ج1 ص153 ].
والعلَّةُ في الاشتراطِ أنَ المشغولَ بالحاجةِ الأصليَّةِ كالمعدومِ في حقِّ الزَّكاةِ، والفاضلُ عنها هو الذي يحصلُ به الأداءُ عن طيبِ نفسٍ ، فليسَ في دورِ السَّكنِ وثياب البدنِ وأثاثِ المنازلِ ودوابِّ الرَّكوب والسَّيَّارة الخاصة وسلاح الاستعمال زكاةٌ، وكذا طعامُ أهلِه وكتبُ العلمِ لأهلِها، وآلاتُ المحترفينَ لأصحابِها، فلو كانَ له قدرُ نصابٍ، لكنْ يحتاجُ إلى أن يصرفَه في هذه الأشياءِ فلا زكاةَ فيه. انظر: [ نظام و(آخرون): الفتاوى الهنديَّة م1 ص191، النَّسفيّ: كنز الدقائق بشرحه البحر الرائق ج2 ص321، المحبوبيّ: النقاية بشرحها فتح باب العناية ج1 ص478، المرغنيانيّ: بداية المبتدي بشرحها الهداية ج1 ص96، التَّمرتاشيّ: تنوير الأبصار بشرحه الدر المختار ج3 ص166 ].
بدليل قوله تعالى:)وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ(،[ سورة البقرة: جزء من آية رقم (219) ]. قال القرطبي: "أي ما فضل عن حوائجكم". انظر: [القرطبيّ : أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري المالكيّ ، ت671هـ ، الجامع لأحكام القرآن م2 ص 48 ، الطبعة الأولى 1419هـ ـ1994م ، دار الفكر ، بيروت ـ لبنان ، سيشار إليه عند وروده بـ "القرطبيّ : الجامع" ].
وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ ". [ حديث صحيح: أخرجه مسلم في "صحيحه" ، في كتاب الزكاة : باب : لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه ، برقم (982) ، وأخرجه البخاريّ في "صحيحه" ، في كتاب الزكاةِ : باب : ليس على المسلم في فرسه صدقة ، برقم (1394) ] .
وقدْ تفردَ الحنفيَّةُ انظر: [ ابن عابدين : الحاشية ج3 ص166، المرغنيانيّ : الهداية ج1 ص96، التَّمرتاشيّ : تنوير الأبصار بشرحه الدر المختار ج3 ص166 ]. بذكرِ هذا الشَّرطِ دونَ بقيةِ الفقهاءِ اكتفاءً منهم على ما يظهر بشرطِ النَّماءِ، وذلك أنَّ الأشياءَ التي يُحتاجُ إليها حاجة أصليَّة لا تكونُ في العادةِ ناميةً ولا معدَّةً للنَّماءِ.
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء
14شوال1431هـ الموافق23/9/2010م