بسم الله الرحمن الرحيم
زَكَاةُ الْمَال الْحَرَامِ
س: هل هناك زكاة في المال الحرام؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وبعد:
الْمَال الْحَرَامُ كَالْمَأْخُوذِ غَصْبًا أَوْ سَرِقَةً أَوْ رِشْوَةً أَوْ رِبًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَيْسَ مَمْلُوكًا لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ، فَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ؛ لأنّ الزَّكَاةَ تَمْلِيكٌ، وَغَيْرُ الْمَالِكِ لاَ يَكُونُ مِنْهُ تَمْلِيكٌ؛ ولأنّ الزَّكَاةَ تُطَهِّرُ الْمُزَكِّيَ وَتُطَهِّرُ الْمَال الْمُزَكَّى لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} التوبة/103. وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَقْبَل اللَّهُ صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ. (رواه مسلم).
وَالْمَال الْحَرَامُ كُلُّهُ خَبَثٌ لاَ يَطْهُرُ، وَالْوَاجِبُ فِي الْمَال الْحَرَامِ رَدُّهُ إِلَى أَصْحَابِهِ إِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهُمْ وَإِلاَّ وَجَبَ إِخْرَاجُهُ كُلِّهِ عَنْ مِلْكِهِ عَلَى سَبِيل التَّخَلُّصِ مِنْهُ لاَ عَلَى سَبِيل التَّصَدُّقِ بِهِ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ : لَوْ كَانَ الْمَال الْخَبِيثُ نِصَابًا لاَ يَلْزَمُ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ الزَّكَاةُ؛ لأنّه يَجِبُ إِخْرَاجُهُ كُلِّهِ فَلاَ يُفِيدُ إِيجَابَ التَّصَدُّقِ بِبَعْضِهِ.
وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِلدَّرْدِيرِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى مَالِكِ النِّصَابِ فَلاَ تَجِبُ عَلَى غَيْرِ مَالِكٍ كَغَاصِبٍ وَمُودَعٍ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنِ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ إِلاَّ مَالٌ حَرَامٌ مَحْضٌ فَلاَ حَجَّ عَلَيْهِ وَلاَ زَكَاةَ ، وَلاَ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ مَالِيَّةٌ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: التَّصَرُّفَاتُ الْحُكْمِيَّةُ لِلْغَاصِبِ فِي الْمَال الْمَغْصُوبِ تَحْرُمُ وَلاَ تَصِحُّ ، وَذَلِكَ كَالْوُضُوءِ مِنْ مَاءٍ مَغْصُوبٍ وَالصَّلاَةِ بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ فِي مَكَانٍ مَغْصُوبٍ ، وَكَإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْمَال الْمَغْصُوبِ ، وَالْحَجِّ مِنْهُ ، وَالْعُقُودِ الْوَارِدَةِ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ والإجارة
{انظر:ابن عابدين(2/25)، والشرح الصغير للدردير(1/206)، والمجموع للنووي(9/353)، وكشاف القناع(4/115)}.
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء
28 من ذي الحجة 1431هـ الموافق: 4.12.2010م