ما حكم الاقتراض من البنك الربوي ؟
تاريخ:
24/4/08
عدد المشاهدات:
11027
رقم الفتوى:
85
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم الاقتراض من البنك الربوي :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
لا يجوز أخذ القروض الربوية من البنوك وغيرها , حيث اعتبر الإسلام الربا من كبائر الذنوب التي تمحق البركة من الفرد والمجتمع , وآكل الربا هو الدائن صاحب المال الذي يعطيه للمستدين فيسترده بفائدة تزيد على أصله هو المجرم الأول , وهو ملعون عند الله تعالى .
ولكن الإسلام لم يقصر الجريمة على آكل الربا وحده بل أشرك معه في الإثم مؤكل الربا – أي المستدين ( المقترض ) الذي يعطي الفائدة – وكاتب عقد الربا وشاهديه . وفي الحديث : ( لعن الله آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه ) . [ رواه مسلم والترمذي ] .
اعتبر الإسلام الربا من كبائر الذنوب التي تمحق البركة من الفرد والمجتمع , وتوجب البلاء في الدنيا والآخرة , نص على ذلك الكتاب والسنة وأجمعت عليه الأمة , والأدلة على ذلك قوله تعالى : { يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } . [ البقرة : 276 ] . وحارب الإسلام الربا , قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله } . [ البقرة : 278- 279 ] . وقول رسوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا أنفسهم عذاب الله ) . [ رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ] .
وحرم كل مظهر من مظاهر التعاون على الإثم والعدوان , وجعل كل معين على معصية شريكاً في الإثم لفاعلها , سواءً أكانت إعانة بجهد عملي أم قولي .
وفي الربا يروي جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لعن الله آكل الربا ومؤكله وشاهديه ) . وقال : ( هم سواء ) . [ رواه مسلم ] .
ويروي ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لعن آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه ) . [ رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي وصححه وأخرجه ابن حبان والحاكم وصححاه ] .
ولكن أباح العلماء أخذ القروض الربوية إذا كانت هناك ضرورة ملحّة ( والضرورات تبيح المحظورات ) اقتضت معطي الفائدة أن يلجأ إلى هذا الأمر فإن الإثم في هذه الحالة يكون على آخذ الربا ( الفائدة ) وحده , ولكن هذا بشروط عند العلماء هي :
1- أن تكون هناك ضرورة حقيقية , لا مجرد توسع في الحاجيات أو الكماليات , فالضرورة ما لا يمكنه الاستغناء عنها إلا إذا تعرّض للهلاك كالقوت والعلاج من مرض مزمن الذي يعرّض النفس للهلاك .
2- أن يكون هذا الترخيص بقدر ما يفي بالحاجة دون أن تزيد , ولا يحدد الضرورة إلا أصحاب الاختصاص والخبرة وليس اتباع الهوى والشهوات ( لأن الضرورات تقدر بقدرها ) فمتى كان يكفيه ألف شاقل مثلاً , فلا يحل له أن يستقرض زيادة عنها .
3- أن يستنفذ كل طريقة للخروج من أزمته المادية ولا يمنعه الحياء أو الكبر من الاستقراض من إنسان لا يأخذ الربا , وعلى إخوانه المسلمين أن يعينوه على ذلك , فإن لم يجد وسيلة لجأ إلى هذا .
4- وأن يفعل ذلك وهو له كاره , غير مستحل له , حتى يجعل الله له مخرجاً .
والله تعالى أعلم