المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
عنْ أَبي أَيوبِ رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ رواهُ مُسْلِمٌ.
الأقسام
حديث اليوم
قال الفزاري : سمعت هشاما ، يذكر عن الحسن ، أن رجلا قال له : إني قد حججت ، وقد أذنت لي والدتي في الحج ، قال : « لقعدة تقعدها معها على مائدتها أحب إلي من حجك »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان ). رواه مسلم .
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
المجلس الاسلامي للافتاء يوزع خطبة جمعة موحدة حول بيع الشيكات وضوابطها ومحاذيرها
تاريخ: 11/01/17
رقم البيان: 38
خطبة جمعة موحدة حول
التحذير من ظاهرة بيع الشيكات والمتاجرة بها
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسّلام على سيدنا محمّد أشرف الخلق والمرسلين ، وبعد :

إنّ الربا أساسه ظلمٌ واستغلال لحاجة المحتاج, فضلاً عن أنه يوسّع الفجوة بين طبقات الناس وينشئ الحقد والأنانية في القلوب, وهو بالوقت نفسه سبب للاضطراب الاقتصادي وانتشار البطالة وغلاء الأسعار وخفض الإنتاج.
لذا كان من حكمة الله تعالى ورحمته بعباده أنّه حرّم الربا وجعله من أكبر الكبائر وأنزل في شأنه قرآناً يُتلى إلى يوم الدين, ولعن آكله وموكله وكاتبه وشاهديه.
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: " فمن رحمة أرحم الراحمين وحكمته وإحسانه إلى خلقه أن حرّم الربا, ولعن آكله وموكله وكاتبه وشاهديه وآذن من لم يدعه بحربه وحرب رسوله, ولم يجيء مثل هذا الوعيد في كبيرة غيره ولهذا كان من اكبر الكبائر"  .
ولم يقف الأمر إلى هذا الحد, بل منع الإسلام تقديم أي مساعدة للتعامل الربوي: فقد روى الإمام مسلم عن جابر رضي الله عنه, قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه, وقال: هم سواء " . فلم تقتصر اللعنة على آكل الربا وموكله فحسب, بل شملت كاتبه وشاهديه وهذا يدل على شمول التحريم على كتابة التعامل الربوي والشهادة عليه إلى جانب تحريم أكل الربا ومواكلته.
وفي هذا يقول النووي رحمه الله تعالى في شرحه على صحيح مسلم: " وهذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين والشهادة عليها , والله أعلم " .

هذا وقد وردت آيات عديدة تبيّن حرمة الربا بياناً صريحاً وأنّه سبب في حلول العقوبات الدنيوية والآخروية على الجماعات والأفراد, ومن هذه الآيات:
1- قوله تعالى: " وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ".
فهذا نصٌّ صحيحٌ صريح في حرمة الربا لا يحتمل التأويل.

2- قوله تعالى:  " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا " .
وجه الاستدلال من هذه الآية:
 أنّ الله تعالى بيّن في هذه الآية أنّ من مقتضيات الإيمان ترك الربا, حيث قال الله تعالى: "وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" .
يقول الحرالي: " فبيّن أنّ الربا والإيمان لا يجتمعان " .

3- قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  * وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ "
وجه الاستدلال: أنّ الله تعالى قد توعد المؤمنين بالنار التي أُعدّت للكافرين إن لم يتركوا الربا.
وقد روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه كان يقول: " هذه أخوف آية في القرآن, حيث أوعد الله المؤمنين بالنّار المعدّة للكافرين إن لم يتّقوه "بل لقد آذن الله تعالى بحربِ من لم يتركه, فقال جلّ ثناؤه: " فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ " .
يقول القرطبي في تفسر هذه الآية : " دلّت هذه الآية على أنّ أكل الربا والعمل به من الكبائر".
كما أنّ أسلوب الوعيد الذي هدّد الله تعالى به المتعاملين بالربا لم يُستخدم لأي جريمة أخرى, ونظراً لذلك قال إمام دار الهجرة- الإمام مالك رحمه الله تعالى: " لم أر أشرّ من الربا" فقد روى القرطبي عن أبي بُكير قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس, فقال: يا أبا عبد الله: إني رأيت رجلاً سكران يتعاقر يريد أن يأخذ القمر, فقلت: امرأتي طالق إن كان يدخل جوف ابن آدم أشرّ من الخمر.
فقال: ارجع حتى أنظر في مسألتك, فأتاه من الغد, فقال له: امرأتك طالق, إني تصفحت كتاب الله وسنة نبيه فلم أر شيئاً أشرّ من الربا, لأنّ الله آذن فيه بالحرب".

4- قوله تعالى: " يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ " .
وجه الاستدلال : انّ الله تعالى قد قرر في هذه الآية أنّ عاقبة الربا إلى قلة وأنّه يمحق الربا وهذا آثار الحرب التي أعلنها الله على أكلة الربا والمجتمع الذي يأكله "
وأخبر الله تعالى بالمصير المؤلم الذي ينتظر أكلة الربا فقال : " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ".

وتهدد الذين يعودون إلى أكلِهِ بعد تحريمه بالخلود في النّار, فقال : " فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " .

كما  وقد ورد تحريم الربا في السنة الصحيحة إلى جانب ما سبق ذكره من الآيات , ومن هذه الأحاديث:

1- ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم, قال: " اجتنبوا السبع الموبقات " , قالوا: يا رسول الله : وما هنّ؟ , قال : " الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحقّ وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولّي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " .
وجه الاستدلال : أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قد عدّ الربا أحد الذنوب السبعة الكبيرة التي تهلك صاحبها في الدنيا والآخرة .

2- كما أنّ السنة النبوية قد أوضحت أنّ ضرر الربا لا يقتصر على من يعمل به فحسب, بل يصيب المجتمع الذي يظهر فيه, بحيث يستحق ذلك المجتمع عقاب الله تعالى, فقد روى الإمام أبو يعلى عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: " ما ظهر في قوم الزنا والربا إلا أحلّوا بأنفسهم عقاب الله "
وقال الحرالي رحمه الله تعالى :  "أكثر بلايا هذه الأمة- حتى أصابها ما أصاب بني إسرائيل من البأس الشنيع والانتقام بالسنين- إنما هو من عمل الربا" .

3- وقد بينت السنة النبوية أنّ آكل الربا يوقف في نهر من دم ويُرمى الحجر في فيه, حيث روى الإمام البخاري في صحيحه عن سمُرة بن جندب رضي الله عنه, قال: قال النبي صلى الله عليه وسلّم :" رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقا حتى أتينا على نهر من دم, فيه رجل قائم, وعلى وسطِ النهر رجل بين يديه حجارة, فأقبل الرجل الذي في النهر, فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى رجلٌ بحجر في فيه فردّه حيث كان, فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت: ما هذا؟ , فقال : " الذي رأيته في النهر آكل الربا "

ومن العقوبات التي ستقع على المرابين في الآخرة أنّه ستصير بطونهم كالبيوت, تُرى الحيات من خارجها.
 فقد روى الإمام ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتيت ليلة أسري بي على قومِ بطونهم كالبيوت فيها الحيات تُرى من خارج بيوتهم, فقلتُ: " من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء أكلة الربا "
لذا وبناءً على ما سبق من النصوص الصحيحة الصريحة من الكتاب والسنة, فإنّ الأمة قد أجمعت وأطبقت على حرمة الربا واعتباره من أكبر الكبائر .
قال النووي رحمه الله تعالى : " أجمع المسلمون على تحريم الربا وأنّه من الكبائر, وقيل أنّه كان محرماً في جميع الشرائع,وممن حكاه الماروديّ"
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " المراباة حرام بالكتاب والسنة والإجماع "
هذا وقد انتشر الربا في زماننا بكافة أنواعه  ، حتى سمي بغير أسمائه ، فتارة يسمّى فائدة ، وتارة يسمّى عمولة ، وتارة يسمّى أرباح ، وتارة أخرى يسمّى أتعاب  تغريراً بالنّاس وتلبيساً عليهم .
ولعلّ من أشهر المعاملات الربوية المنتشرة في الفترة الأخيرة حتى بدأ يسوق لها ويعلق اللافتات وتنشر الدعايات في الصحف ترويجاً لها ما يسمّى ببيع الشيكات .

أيّها الأخوة الأحباب : نضع بين أيديكم الخلاصة الفقهية للتجارة والتعامل بالشيكات بحسب ما صدر عن المجلس الإسلامي للافتاء في البلاد ، حيث قرر المجلس باجماع الحضور من أهل العلم  ما يلي  :
1.يحرم بالاجماع بيع  وشراء الشيكات الرّاجعة .
2. يحرم بالاجماع  بيع الشيكات المؤجلة سواء بيعت بالدولار أم بالشاقل .

فبيع الشيكات المؤجلة محرم بالإتفاق بل بالإجماع وهذا يسمّى ربا فضل وربا نسيئة عند العلماء ولعلّ الأمر يزداد حرمة إذا كانت الشيكات راجعة ، حيث تنتشر اليوم في أسواقنا شركات لشراء الشيكات الرّاجعة بدعوى تحصيل الحقوق واسترداد الدّيون .
إنّ شراء الشيكات الرّاجعة التي تنتشر في الآونة الأخيرة لهي كبيرة من الكبائر التي يستهين بها النّاس ، والتي قد تكون سبباً لنزول البلاء ومحق البركة وحبس المطر وحجب الدّعاء .
لذا نحذّر النّاس جميعاً من بيع الشيكات المؤجلة كما ونحذّر الصيارفة من شراء الشيكات المؤجلة  وبالوقت نفسه نحذّر ثمّ نحذّر من بيع الشيكات الرّاجعة ، كما ونطالب البلديات بإزالة اللافتات المعلقة في مدخل البلد والتي تحث وتشجع وتروّج لمثل هذه المعاملات  الرّبوية .
 
3.يحرم بالاجماع  بيع الشيك النّقدي مقابل نسبة مئوية مثل 1% أو مقابل ربح محدّد مثل 100 شاقل مثلاً .
4.يحرم بالاتفاق شراء الذّهب والفضة  بالشيكات المؤجلة أو التقسيط  عن طريق بطاقات الائتمان ( فيزا ) .
5.يحرم بالاجماع شراء العملات الأجنبية بالشيكات المؤجلة أو التقسيط عن طريق بطاقات الائتمان ( فيزا )  .
6. يجوز بيع الشيك النّقدي بالعملات الأجنبية كالدولار واليورو وذلك بعد أن يُدخِل  الصرّاف الشيك لحسابه الخاص  وتدخل قيمة الشيك  لحساب الصّراف لأنّ هذا يُعتبر من قبيل القبض الحكمي ،  وأمّا قبل دخول قيمة الشيك لحساب الصّراف فلا يجوز اتفاقاً لعدم تحقق القبض الحكمي   .

7.يجوز أن يعطي زيد لعمرو شيكاً مؤجلاً قيمته 5000 شاقل على سبيل المثال  على أن يعطيه عمرو نفس المبلغ بالشاقل بدون ربح ، وهذا يعتبر قرض وارفاق وله ثواب بذلك .
8.لا مانع من شراء بضائع وسلع وملابس بالشيكات المؤجلة .

9. يجوز أن يوكّل  حامل الشيك وهو (زيد ) مثلاً شخصاً - صرافا أو غيره -  ولنفترض اسمه  (عمرو) بأن يُدخل الشيك على حسابه لعدم تمكّن صاحب الشيك وهو  ( زيد ) من ادخاله على حسابه الخاص بسبب وجود حجز عليه مثلاّ مقابل نسبة مئوية أو ربح محدّد يدفعه زيد لعمرو  ، بشرط ألاّ يدفع الموكَّل وهو ( عمرو )   قيمة  الشيك من ماله الخاص كما يفعل كثير من الصّرافين فهذا حرام بالاتفاق لأنّه ربا فضل  ، وإنّما يتوكّل (عمرو ) فقط بادخاله على حسابه  ويأخذ أجره مقابل ذلك فقط  . 
 
رزقنا الله وإيّاكم الرزق الحلال وجنبنا الشبهات والحرام آمين آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمّد وآله وصحبه أجمعين .