المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
الأقسام
حديث اليوم
عن علي رضي الله عنه أنه قال : « زين الحديث الصدق ، وأعظم الخطايا عند الله عز وجل اللسان الكذوب ، وشر الندامة ندامة يوم القيامة »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
عن أبى سعيد بن سعد بن سنان الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :( لا ضرر و لا ضِرار ) حديث حسن رواه ابن ماجه و الدارقطني و غيرهما مسندا .
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
هل يستحق جميع الحجيج الجنة ?
تاريخ: 10/2/09
عدد المشاهدات: 2799
رقم الفتوى: 207

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

وردت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين فضل الحج وأجر الحجيج , فمن ذلك ما روى البخاري في ( صحيحه – باب فضل الحج المبرور , 2/553 , حديث رقم 1447 ) : سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ قال : ( إيمان بالله ورسوله ) , قيل ثم ماذا ؟ قال : ( جهاد في سبيل الله ) , قيل ثم ماذا ؟ قال : ( حج مبرور ) .
وروي أيضاً في نفس الباب (2/553 , حديث رقم 1449 ) عنه صلى الله عليه وسلم : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) .
ولا شك أن الإمام البخاري – رحمه الله – لما عنون للباب بقوله : فضل الحج المبرور , فإنه يرى أن هذه الفضائل الواردة في الأحاديث الثابتة في الباب خاصة بأصحاب الحج المبرور .

فما هو الحج المبرور الذي يستحق أهله الجنة ؟
نقل ابن حجر في ( الفتح 3/382 ) عن خالويه ( وهو من أهل اللغة ) : " أن المبرور هو المقبول " , وقال المناوي في ( فيض القدير 3/267 ) : " تمام البر بالكسر أن تعمل في السر عمل العلانية , إلى أن قال : أي لم يفعل شيئاً من الأمور الدنيوية غير الضرورية والحاجية " .
وقال السندي في ( حاشيته 5/112 ) : " الحجة المبرورة قيل هي التي لا يخالطها أثم مأخوذ من البر وهو الطاعة , وقيل هي المقبولة بالبر وهو الثواب , ومن علامات القبول أن يرجع خيراً مما كان , ولا يعاود المعاصي , وقيل هي التي لا رياء فيها , وقيل هي التي لا يعقبها معصية , وهما داخلان فيما قبلها ليس له جزاء إلا الجنة " .
وقال الطبري في تفسيره ( 3/382 ) : " اتقى فاجتنب ما أمره الله باجتنابه , وفعل ما أمره الله بفعله " .
ونقل ابن حجر في ( فتح الباري 3/382 ) , والمباركفوري في ( تحفة الأحوذي 3/454 ) : أن ترجيح النووي أن الحج المبرور هو الذي لا يخالطه شيء من الإثم .
وقد ورد في الباب حديث أخرجه أحمد والحاكم والطبراني في معجمه ( الوسيط ) قيل وما برّه ؟ قال : ( إطعام الطعام وطيب الكلام ) , والحديث حسنه المباركفوري في ( تحفة الأحوذي 3/454 ) , وضعفه ابن حجر – رحمه الله – في ( الفتح 3/382 ) وقال : وفي إسناده ضعف فلو ثبت لكان هو المتعينة .
وأنت ترى أن الكلام عند أهل العلم متقارب لا تكاد تجد فيه اختلافاً إلا أن يكون بعضهم أجمل بينما غيره فصّل , أو أن يكون أحدهم يتكلم عن حقيقته كما فعل الطبري وغيره قد يتكلم على أثره كما نقل القرطبي في تفسيره ( 4/142 ) عن الحسن البصري – رحمه الله – قال : " الحج المبرور هو أن يرجع زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة " .
وعليه فالذي يبدو واضحاً أن العلماء – رحمهم الله – متقاربون في كلامهم , فالحج المبرور الذي يستحق صاحبه الجنة هو الحج الذي أتى صاحبه بكامل معانيه الظاهرة والباطنة .
أولاً : فالظاهرة : من الأركان والشروط والسنن واجتناب الرفث والفسوق والجدال وقد اختلفت أقوال أهل العلم في هذه الأوصاف , فأما الرفث فقد نقل ابن قدامة في ( المغني 3/125 ) عن ابن عباس وابن عمر والعطائين ومجاهد والحسن والزهري وقتادة هو الجماع , وقيل هو كل ما يكنى عنه من الجماع وهو قول ابن عباس .
وأما الفسوق فقد نقل القرطبي في تفسيره ( 2/208 ) عن مالك أنه الذبح للأصنام , وعن الضحاك أنه التنابز بالألقاب , وقيل هو السباب .
وأما الجدال فأنكر الطبري في تفسيره ( 2/276 ) أن يكون مطلق الجدال , فالجدال منه ما حق ومنه ما هو باطل لا يجوز , فالنهي عن الأخير دون الأول .
ثانياً : الباطن : وهو القصد والنية , إذ الأعمال بالنيات , وقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه ( 3/120 , حديث رقم 12642 ) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " من حج هذا البيت لا يريد غيره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .
وقد ذكر مثله الزرقاني في شرحه على الموطأ ( 2/532 ) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " من حج بنية صادقة ونفقة طيبة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .

الخلاصة :
من حج محتسباً الأجر مخلصاً النية لله بمال طيب حلال وقام بأعمال الحج على الوجه المشروع وجبت له الجنة وغفر الله له ما تقدم من ذنبه كما رجح السندي في حاشيته ( 5/112 ) .
وأفضل من تكلم في بيان الحج المبرور هو القرطبي – رحمه الله – في تفسيره ( 2/408 ) إذ قال : " الأقوال التي ذكرت متقاربة المعنى وهي أنه الحج الذي وُفيت أحكامه ووقع موقعاً لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل .
وهذا ترجيح ابن حجر في ( فتح الباري 3/282 ) , والمباركفوري ( 3/454 ) , وعزاه السيوطي في ( التوشيح ) .

والله تعالى أعلم