الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
قال صلى الله عليه وسلم : ( إن خير ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم ) . [ رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة والبيهقي والطبراني ] .
وقال : ( غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود والنصارى ) . [ رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان ] .
يقتضي مشروعية الصبغ والمراد به صبغ شيب اللحية والرأس – ليس بالأسود – وقد خضب الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة , كما في البخاري من حديث أم سلمة , وفي مشروعيته للشعر أحاديث عدة .
إلا أنه لا يجوز للرجل أن يخضب يديه ورجليه عند جمهور العلماء , وهو القول المعتمد في المذاهب الأربعة , لأن هذا الخضاب من زينة النساء , ولا يجوز تشبه الرجال بما هو خاص بالنساء من زينة ولباس وغيرهما للحديث : ( لعن الله المتشبهين بالنساء من الرجال والمتشبهات بالرجال من النساء ) . [ رواه أحمد والبخاري وابن ماجة وابن حبان والطيالسي والطبراني ] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما بال هذا ؟ ) فقيل : " يا رسول الله يتشبه بالنساء " فأمر به فنفي إلى النقيع , قالوا : " ألا نقتله ؟ " قال : ( إني نهيت عن قتل المصلين ) . [ رواه أبو داود في كتاب الأدب وحكم الألباني بصحته في صحيح الجامع الصغير وزياداته 1/491 حديث رقم 2506 ] .
فيحرم في اليدين والرجلين سواء في العرس وغيره : لا كما يفعل الشباب في أي عرس كان بما يسمى حناء العريس في يديه فهذا مخالف للشرع فانتبهوا إلا لضرورة التداوي لخبر سلمى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه كان إذا اشتكى أحد رأسه قال اذهب واحتجم وإذا اشتكى رجله قال اذهب فاخضبها بالحناء ) . [ رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة ] . وفي رواية : ( كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فما كانت تصيبه قرحة ولا نكثة إلا أمرني أن أضع عليها الحناء ) . [ رواه أحمد ورجاله ثقات ] .
فيستحب للرجل ما ظهر ريحه وخفي لونه وللمرأة عكسه وهو ما يظهر لونه وخفي ريحه وفي بيتها تتطيب بما شاءت .
ومن نصوص العلماء :
1- قال في إعانة الطالبين 2/340 : " ... وقوله خضب يدي الرجل إلخ معطوف على حلق لحيته أي يحرم خضب يدي الرجل ورجليه بحناء ونحوه وذلك لأنه فيه تشبه بالنساء من الرجال وخضاب اليدين والرجلين بالحناء للرجل والخنثى حرام بلا عذر ... " .
قال في ( المجموع 1/352 ) : " أما خضاب اليدين والرجلين بالحناء فمستحب للمتزوجة للأحاديث المشهورة فيه وهو حرام على الرجال إلا لحاجة التداوي ونحوه , ومن الدلائل على تحريمه قوله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله المتشبهين بالنساء من الرجال ... ) الحديث " .
3- وجاء في ( الفتاوى الهندية 5/359 ) : " ولا ينبغي خضب يدي الصبي الذكر ورجليه إلا عند الحاجة ويجوز ذلك للنساء " .
4- وجاء في ( تحفة الأحوذي 5/456 ) : " وأما خضب اليدين والرجلين فلا يجوز للرجال إلا في التداوي " .
وانظر كتاب : ( المنهج القويم – شافعي 1/636 ) , وكتاب : ( الفروع – حنبلي 3/335 ) , وكتاب : ( كشاف القناع – حنبلي 1/77 ) , وكتاب : ( فتح الباري 6/499 ) , وكتاب : ( عون المعبود 11/366 ) , وكتاب : ( المفصل لعبد الكريم زيدان 3/360 ) .
والله تعالى أعلم