قرأت في بعض الجرائد وفي أحد مواقع الإنترنت عن رجل أعور خرج في باكستان يقال أنه الدجال , يأكل الزجاج , ويحول التراب ذهباً , وتفتح أمامه أبواب السجن , فهل هذا هو الدجال حقاً ?
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
أولاً : ينبغي للجرائد والوسائل الإعلامية عامة أن تعلم أنه لا يجوز الاستعانة بالأحكام الشرعية , والتعامل معها لتحصيل سبق صحفي وإعلامي دون الرجوع إلى أهل العلم بالمسألة .
ثانياً : خبر خروج الدجال في آخر الزمان ثابت عندنا في الشريعة الإسلامية , وهو من علامات الساعة الكبرى , وأحاديثه واردة في الصحيحين وغيرهما , وبلغت مبلغ التواتر .
ثالثاً : أن هذا الرجل المذكور إن صحت الأمور المنقولة من خبره لا تعدوه أن يكون ساحراً , وليس هو الدجال الذي ورد خبره في الأحاديث الصحيحة وذلك للأمور التالية :
أ- أن بين يدي الدجال علامات لم يظهر بعضها بعد , فمن ذلك ما أخرج البخاري في صحيحه ( كتاب البيوع , باب ما ذكر في الأسواق ) , ومسلم في صحيحه ( كتاب الفتن وأشراط الساعة , باب الخسف بالجيش ) : قال صلى الله عليه وسلم : ( يغزو جيش الكعبة , فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم ... ) . [ متفق عليه ] .
- أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما ( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان – باب لا تقوم الساعة حتى يحسر عن جبل من الذهب 2/929 رقم 1838 ) : قال صلى الله عليه وسلم : ( يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً ) .
- أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما ( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان – باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل ... 2/931 , رقم 1843 ) : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يخرّب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ) .
- أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما ( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان – باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل ... 2/933 , رقم 1849 ) : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم , ثم يقول الحجر : يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله ) .
وفي الباب أحاديث أخرى منها ما اتفق على عدم ظهور إمارتها , ومنها ما اختلف فيه ...
ب- لم تذكر الأخبار الواردة أن لهذا الرجل عينين اثنتين ولم تحدد أي العينين هي المسحاء , وقد حددت السنة أن له عينين , العين اليمنى منهما طافية .
- أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما ( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان – باب ذكر الدجال وصفته وما معه , 2/936 , رقم 1854 ) : قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله ليس بأعور , ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى , كأن عينه عنبة طافية ) .
ت- أن المسيح الدجال الوارد خبره في الأحاديث مكتوب بين عينيه كافر , وليس كذلك هذا الرجل المذكور في باكستان .
- أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما ( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان – باب ذكر الدجال وصفته وما معه , 2/936 , رقم 1855 ) : قال صلى الله عليه وسلم : ( ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب , ألا إنه أعور , وإن ربكم ليس بأعور , وإن بين عينيه مكتوب كافر ) .
ث- وقد ورد من خبر الدجال أنه يهودي يخرج معه سبعون ألفاً من يهود أصفهان عليهم الطيالسة , وليس الأمر كذلك مع هذا الرجل .
و- يكون المهدي عليه الصلاة والسلام قبل الدجال وما خرج بعد .
- والذي يبدو لي أن الأمة لما باتت تترقب ميلاد فجر جديد , فقد أكثرت الكلام في هذه الموضوعات , وما أشبه هذا الأمر بفترتين من فترات زماننا , أما الأول فهو عندما سقطت بغداد عام 656 هجري بيد التتار , وأما الثانية فعلى رأس الألفية الهجرية الثانية أي في نهايات القرن الهجري العاشر .
والله تعالى أعلم