بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد :
- إن الضحك والمرح والمزاح أمر مشروع في الإسلام كما دلت على ذلك النصوص القولية والمواقف العملية للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم .
- إلا أن يكون الكذب والاختلاق أداة الضحك للناس كما يفعل بعض الجهلة من الناس ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك حيث قال : ( ويل للذي يحدث ليضحك القوم ويل له , ويل له , ويل له ) . [ رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ] .
- وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً .
- وإن الكذب واحد ليس هناك كذب أبيض وكذب أسود , فإن الكذب منهي عنه إلا للضرورة التي أباحها الشرع , وإن المكذبين هم أعداء الرسل , فلا يتمثل المؤمن بصفات الكافرين ولو على سبيل المزاح .
- وأن الكذب من صفات المنافقين كما جاء في الحديث النبوي : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب , وإذا وعد أخلف , وإذا عاهد غدر ) . [ رواه الشيخان ] , وفي رواية لمسلم : ( وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم ) .
- وفي حديث آخر للشيخين : ( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً : ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا أؤتمن خان , وإذا حدث كذب , وإذا عاهد غدر , وإذا خاصم فجر ) . [ رواه الشيخان ] .
- ولهذا جاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرفوعاً وموقوفاً : " الكذب مجانب الإيمان " . [ رواه البيهقي وصحح الموقوف ] .
- وعن سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب ) . [ رواه البزار وأبو يعلى ورواته رواة الصحيح والدارقطني مرفوعاً وموقوفاً وقال : الموقوف أشبه بالصواب ] .
- وفي حديث مرسل رواه مالك : قيل يا رسول الله أيمون المؤمن جباناً ؟ قال : ( نعم ) , قيل له : أيكون المؤمن بخيلاً ؟ قال : ( نعم ) , قيل له : أيكون المؤمن كذاباً ؟ قال : ( لا ) . [ رواه مالك مرسلاً عن صفوان بن سليم ] .
- ولهذا قالت عائشة : " ما كان من خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب " . [ رواه أحمد والبزار وابن حبان والحاكم وصححاه ] .
- وهذا كله يدلنا على نفور الإسلام من الكذب , وتربية أبنائه على التطهر منه , سواء ظهر من ورائه ضرر مباشر أم لا , يكفي أنه كذب وإخبار بغير الواقع وتشبه بأهل النفاق .
- فهذا الكاذب يضحك الناس ويدخل السرور إلى نفوسهم بالقول الكاذب وهو يحمل الوزر والإثم.
- إن من أكبر وجوه الضرر في الكذب أن يعتاده اللسان فلا يستطيع التحرر منه وهذا هو المشاهد الملموس , الذي عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذرنا من ولوج هذا الباب الذي ينتهي بصاحبه بعد اعتياد دخوله إلى أن يكتب عند الله من الكاذبين فيقول : ( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر إن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً , وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً . ) . [ رواه الشيخان وأبو داود والترمذي وصححه واللفظ له ] .
فاحذروا أيها المسلمون من الوقوع في هذا المرض فيهلككم . والله تعالى أعلم