المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
عنْ أَبي أَيوبِ رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ رواهُ مُسْلِمٌ.
الأقسام
حديث اليوم
قال الفزاري : سمعت هشاما ، يذكر عن الحسن ، أن رجلا قال له : إني قد حججت ، وقد أذنت لي والدتي في الحج ، قال : « لقعدة تقعدها معها على مائدتها أحب إلي من حجك »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان ). رواه مسلم .
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
الوقف من مفاخر المسلمين
تاريخ: 7/1/12
عدد المشاهدات: 3813
رقم الفتوى: 359

بسم الله الرحمن الرحيم

الوقف من مفاخر المسلمين

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

معنى الوقف:

- الوقف والتحبيس والتسبيل بمعنى واحد.

- وهو لغةً: الحبس عن التصرف.

- الوقف بمفهومه الإجمالي العام يفيد معنى: " حبس المال عن الإمتلاك والتداول في سبيل المقاصد العامة "، وقد نشأت طريقته من الحاجة إلى ضمان حياة طائفة من المصالح العامة من دينية، أو علمية ، أو خيرية، فإن هذه المصالح تحتاج إلى أماكن تهيئ نفقة دائمة، وهذا يستدعي وجود مورد مالي مستمر يدر عليها المال اللازم لحياتها.

- وكان الوقف أول عهده يسمى (صدقة) و ( حبساً ) ثم حدث اسم الوقف وفشا.

- لأموال الأوقاف حرمة مستمدة من الجهة الموقوف عليها فما كان حقاً لاستحقاق موقوف عليهم فحرمته حرمة مال الغير وحقوقه، وما كان لمصالح دينية أو عامة أخرى فحرمته حقوق الله تعالى والأموال العامة التي تتعلق بها حقوق الجماعة.

- أحكام الوقف في الإسلام تقوم على أساس إعتبار الوقف في النظر الفقهي مؤسسة ذات شخصية حكمية لها ذمة مالية وأهلية لثبوت الحقوق لها وعليها يمثلها من يتولى إدارة الوقف.

أدلة مشروعيته:

- دل على مشروعيته عموم النصوص من القرآن والسنة التي رغبت في الصدقة والإنفاق.

- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ). [ أخرجه مسلم ].

- والوقف من الصدقة الجارية.

ومن النصوص التي تحدثت عن الوقف صراحةً:

1- أخرج البخاري عن عمرو بن الحارث بن المصطلق أنه قال: " ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يعني بعد وفاته ) إلا بغلة بيضاء، وسلاحه، وأرضاً تركها صدقة ". انظر: [ فتح الباري 5/231 ].

2- أخرج البيهقي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل سبعة حيطان ( بساتين ) له في المدينة على بني المطلب وبني هاشم، وليس في هذه النصوص ما يدل أنها كانت بعد خيبر. انظر: [ سنن البيهقي 6/120 ].

3- نقل ابن دقيق العيد عن الواقدي أن أول وقف كان في الإسلام أراضي مخيريق التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم فوقفها النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: [أحكام الأحكام 3/209 ].

4- أخرج البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أمر بالمسجد، وقال: ( يا بني النجار ثامنوني حائطكم هذا ) فقالوا: " لا والله، لا نطلب ثمنه إلا من الله ". انظر: [ فتح الباري 5/263 ].

5- أخرج البخاري عن ثمامة بن حزن القشيري قال: " شهدت الدار، وأشرف عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال: أنشدكم الله والإسلام، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ليس فيها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال: ( من يشتري بئر رومة فيكون دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة ) فاشتريت من صلب مالي .. " إلى تتمة الحديث وهو طويل. انظر: [ فتح الباري 5/264 ].

6- عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: ( إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا ) قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ. [ رواه البخاري (2532) ]. 

- عن ابن عمر رضي الله عنه: " أن عمر رضي الله عنه استأمر النبي صلى الله عليه وسلم في صدقته فقال: ( احبس أصلها وسبِّل ثمرتها ). فقال عبد الله: فحبسها عمر على السائل، والمحروم، وابن السبيل، وفي سبيل الله، وفي الرقاب، والمساكين، وجعل منها يأكل ويؤكل غير متأثل مالاً ". [أخرجه ابن خزيمة وإسناده صحيح].

7- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد، وعباس بن عبد المطلب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما ينقم ابن جميل إلا إنه كان فقيراً فأغناه الله ورسوله وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله، والعباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهي عليه صدقة ومثلها معها ). وفي رواية: (هي عليه ومثلها معها ). [ أخرجه الشيخان ] .

- هذا النص أصل في جواز وقف المنقول من خيل وسلاح وغير ذلك.

- وأوقف كثير من الصحابة منهم: معاذ بن جبل، زيد بن ثابت، عائشة، أسماء، سعد بن أبي وقاص، خالد بالوليد، جابر بن عبد الله، سعد بن عبادة، عقبة بن عامر، عبد الله بن الزبير وغيرهم رضي الله عنهم.

- قال جابر رضي الله عنه:" ما بقي أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له مقدرة إلا وقف".

- قال الإمام الشافعي – رحمه الله – : بلغني أن ثمانين صحابياً من الأنصار تصدقوا بصدقات محرمات. والشافعي يطلق هذا التعبير (صدقات محرمات) على الوقف.

مما اختص به المسلمون :

- قال الشافعي: لم يحبس أهل الجاهلية داراً، ولا أرضاً فيما علمت.

- قال النووي : وهو مما اختص به المسلمون.

الوقف من مفاخر المسلمين:

تحت عنوان ( الوقف من مفاخر المسلمين ومآثرهم الحميدة ) قال أصحاب كتاب ( الفقه المنهجي ) ما مجمله : الوقف قربة من القربات وعبادة من العبادات، والوقف يدل على صدق إيمان الواقف ورغبته في الخير وحرصه على مصالح المسلمين وحبه لهم ولأجيالهم المتعاقبة ومنافعهم المتلاحقة ولقد ضرب المسلمون منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الأمثلة في ميادين الوقف فوقفوا أوقافاً لا تحصى وسيلوا أموالاً لا تعد وشملت أوقافهم جوانب كثيرة من جوانب الخير ونواحي المعروف ومرافق الحياة مثل: المدارس والمساجد والمشافي والأراضي والمباني والآبار والمكاتب وعلى الفقراء والمجاهدين وعلى العلماء وغير هذا كثير.

فما تركوا ناحية من نواحي الحياة إلا وقفوا لها وقفاً وما من حاجة من حاجات المجتمع إلا حبسوا لها أموالاً والأمر المؤسف والمحزن أن الرغبة في أيامنا ومنذ أزمان قريبة قد قلت عند كثير من المسلمين في الوقف وشحت نفوس كثيرين منهم في مثل هذه الصدقات الجارية والمبادرات النافعة.

نماذج فريدة من الأوقاف :

قال الدكتور القرضاوي في كتابه ( الإيمان والحياة ) ما مختصره: قد تأخذ أحدنا الدهشة وهو يستعرض حُجج الواقفين ليرى القوم في نبل نفوسهم ويقظة ضمائرهم وعلو إنسانيتهم بل سلطان دينهم عليهم وهم يتخيرون الأغراض الشريفة التي يقفون لها أموالهم ويرجون أن تنفق في سبيل تحقيقها هذه الأموال... ثم ذكر أمثله منها:

وقف الزبادي:

وقف تُشترى منه صحاف الخزف الصيني: فكل خادم كُسرت آنيته وتعرض لغضب مخدومه له أن يذهب إلى إدارة الوقف فيترك الإناء المكسور ويأخذ إناءً صحيحاً بدلاً منه وبهذا ينجو من غضب مخدومه عليه.

وقف الأعراس:

وقف لإعارة الحلي والزينة في الأعراس، يستعير الفقراء منه ما يلزمهم في أفراحهم وأعراسهم ثم يعيدون ما استعاروه إلى مكانه. وبهذا يتيسر للفقير أن يبرز يوم عرسه بحلة لائقة ولعروسه أن تجلى في حلة رائقة حتى يكتمل الشعور بالفرح وتجبر الخواطر المكسورة.

وقف الغاضبات:

وقف يؤسس من ريعه بيت ويعد فيه الطعام والشراب وما يحتاج إليه الساكنون، تذهب إليه الزوجة التي يقع بينها وبين زوجها نفور، وتظل آكلة وشاربة إلى أن يذهب ما بينها وبين زوجها من الجفاء وتصفو النفوس فتعود إلى بيت الزوجية من جديد .

وقف الكلاب الضالة:

وقف في عدة جهات، ينفق من ريعه على إطعام الكلاب التي ليس لها صاحب استنقاذاً لها من عذاب الجوع حتى تستريح بالموت أو الإقتناء.

            

والله تعالى أعلم

23/5/2000