المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
الأقسام
حديث اليوم
عن أبي الخير ، أنه سمع سعيد بن يزيد يقول : إن رجلا قال : يا رسول الله ، أوصني . قال : « أوصيك أن تستحيي من الله عز وجل ، كما تستحي رجلا صالحا من قومك »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري - رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى , إذا لم تستح فاصنع ما شئت " واه البخاري .
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
كثيراً ما نقرأ ونسمع من يقول : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أول من أوقف وقفاً في الإسلام , أفلا يدل هذا على أن الوقف لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم , وبالتالي يدل على عدم ثبوته في السنة ?
تاريخ: 10/2/09
عدد المشاهدات: 3137
رقم الفتوى: 360

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
الجواب : رأيت أن مثل هذا السؤال يتردد على ألسنة الكثيرين وبخاصة أولئك الذين ليس لهم اطلاع واسع على الوقف في الإسلام .
وقبل أن أجيب على هذا السؤال أؤكد على بعض الأمور :
الوقف – وإن كان معروفاً عند غير العرب قبل الإسلام – لم تعرفه العرب في الجاهلية , قال الشافعي في ( الأم – 2/275 ) : " لم يحبس أهل الجاهلية – فيما علمته – داراً ولا أرضاً ... وإنما حبس أهل الإسلام " .
- على فرض صحة رأي من قال : أن عمر رضي الله عنه كان أول من أوقف وقفاً في الإسلام فلا يفهم منه عدم ثبوت الوقف بالسنة , ودليل ذلك من وجوه :
- ثبتت نصوص كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يفهم منها حضه على الوقف , مكن ذلك ما أخرج مسلم في ( صحيحه – 11/85 بشرح النووي ) أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية , أو علم ينتفع به , أو ولد صالح يدعو له ) .
- إن الرواية الثابتة في وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه تشير إلى أن الذي أرشده إلى الوقف هو النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يعطيها معنى السنية , فقد أخرج البخاري ومسلم في ( صحيحه 1/68 بشرح النووي ) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " أصاب عمر بخيبر أرضاً , فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أنفس منه فكيف تأمرني به ؟ قال : ( إن شئت حبست أصلها وتصدقت ) , فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها , ولا يوهب , ولا يورث , في الفقراء , والقربى , والرقاب , وفي سبيل الله , والضيف , وابن السبيل , لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف , أو يطعم صديقاً غير متمول فيه .
- الوقف مشروع في الإسلام , وهذا ما ذهب إليه جمهور علماء الأمة من المالكية , والشافعية , والحنابلة , وراجح عند الحنفية والظاهرية ( المغني – 6/185 , حاشية الخرشي – 7/78 , المبسوط – 12/27 , المحلى – 9/175 ) .
لا يُسَلّمُ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أول من أوقف وقفاً في الإسلام , بل قد ثبتت آثار تؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول من أوقف وقفاً في الإسلام , وأكثر من ذلك فقد وردت بعض الآثار التي تدل على أن الصحابة كانوا يوقفون حتى قبل فعل عمر رضي الله عنه .
الأدلة على أن النبي صلى الله عليه وسلم أوقف :
1- أخرج البخاري – وغيره – في ( صحيحه 5/231 بهامش الفتح ) عن عمرو بن الحارث بن المصطلق أنه قال : " ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يعني بعد وفاته ) إلا بغلة بيضاء , وسلاحه , وأرضاً تركها صدقة " .
2- أخرج البيهقي في ( سننه 6/120 ) عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل سبعة حيطان ( بساتين ) له في المدينة على بني المطلب وبني هاشم , وليس في هذه النصوص ما يدل أنها كانت بعد خيبر .
3- فقل ابن دقيق العيد في ( أحكام الأحكام 3/209 ) والخصاف في ( أحكام الوقف ) عن الواقدي أن أول وقف كان في الإسلام أراضي مخيرق التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم فوقفها النبي صلى الله عليه وسلم .
آثار تدل على الوقف قبل خيبر :
1- أخرج البخاري في ( صحيحه 5/263 مطبوع مع الفتح ) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أمر بالمسجد , وقال : ( يا بني النجار ثامنوني حائطكم هذا ) فقالوا : " لا والله , لا نطلب ثمنه إلا من الله " .
2- أخرج البخاري في ( صحيحه 5/264 مطبوع مع الفتح ) وغيره عن ثمامة بن حزن القشيري قال : " شهدت الدار , وأشرف عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال : أنشدكم الله والإسلام , هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ليس فيها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال : ( من يشتري بئر رومة فيكون دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة ) فاشتريت من صلب مالي .. " إلى تتمة الحديث وهو طويل .
هذه بعض الآثار التي جاءت في أن الصحابة رضي الله عنهم عرفوا الوقف منذ بداية المرحلة المدنيّة , إلا أن ما ثبت في الصحيحين من الخبر أن عمر رضي الله عنه كان أول من أوقف ذلكم بسبب التصريح الذي جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها ) .
ومهما يكن من الكلام عن أول من أوقف فالعبرة أن الوقف مشروع في الإسلام كما ذكرنا وهو أحد تجليات الإسلام الحضارية , والحمد لله رب العالمين .

والله تعالى أعلم