بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد :
فإن بيع العربون صورته : أن يبيع الإنسان الشيء ويأخذ من المشتري مبلغاً من المال يسمى عربوناً لتوثيق الارتباط بينهما على أساس أن المشتري إذا قام بتنفيذ عقده احتسب العربون من الثمن , وإن نكل كان العربون للبائع . أنظر : [ المدخل الفقهي للزرقا 1/495 , نظرية الغرر – د. ياسين دراركة 1/146 ] .
أما بالنسبة لحكمه فإن الراجح من أقوال الفقهاء جواز العربون في البيع , وهذا ما ذهبت إليه الحنابلة وهو مذهب عمر بن الخطاب وابن عمر ومحمد بن سيرين ونافع بن عبد الحارث وزيد بن أسلم ومجاهد رضي الله عنهم أجمعين . أنظر : [ المغني – لابن قدامة 4/176 , إعلام الموقعين – لابن القيم الجوزية 9/369 , سبل السلام – للصنعاني 3/17 , نيل الأوطار – للشوكاني 5/163 , بداية المجتهد – لابن رشد /162 ] .
وذلك لما يلي :
أ- أنه روي عن نافع بن الحارث أنه اشترى من صفوان بن أمية داراً لعمر بن الخطاب بأربعة آلاف درهم , واشترط عليه نافع إن رضي عمر فالبيع له , وإن لم يرض فلصفوان أربعمائة درهم . أنظر : [ المغني 4/176 ] .
ب- لأن الأصل في المعاملات الإباحة ما لم يرد نص على الحرمة , ولم يثبت النهي عن بيع العربون بنص صحيح صريح .
ت- نظراً لما تحققه طريقة العربون من جدية والتزام في أمر العقود .
ث- لأن العرف قد جرى فيه حتى أصبحت طريقة العربون وثيقة ارتباط في قوانين التجارة وعرفها .
ولكن ومع ذلك نقول : الأولى أن يعاد العربون لصاحبه إلا إذا ألحق ضرر بالبائع , خروجاً من الخلاف ورحمة بالناس , كما ننصح المشتري أن يحاول جاداً أن لا يقبل على طريقة العربون إلا وهو متيقن من إبرام العقد وإتمام الصفقة .
والله تعالى أعلم