المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
الأقسام
حديث اليوم
قال أحد الشعراء : « فلا وأبيك ما في العيش خير ...ولا الدنيا إذا ذهب الحياء... يعيش المرء ما استحيا بخير ...ويبقى العود ما بقي اللحاء »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
عن أبي ذر رضي الله عنه أن أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يُصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال: ( أوليس الله جعل لكم ما تصدقون به إن لكم بكل تسبيحة صدقة , وكل تكبيرة صدقة , وكل تحميدة صدقة وكل تهليله صدقة , وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة ,وفي بُضع أحدكم صدقة ) قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال:( أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ).
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
ما حكم التمثيل بالقتلى وجز الرقاب في الحرب ونقلها بعد القدرة على المحارب ؟
تاريخ: 24/6/20
عدد المشاهدات: 6543
رقم الفتوى: 470

الحمد لله والصّلاة والسّلام على سيدنا محمّد رسول الله ، وبعد :

نهى الشرع الكريم عن التمثيل  بالقتلى سواءً أكان مسلماً أم غير مسلم، والأدلة على ذلك متضافرة ومشتهرة، فمنها :
 
.1  ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَبِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا . ثُمَّ قَالَ : اُغْزُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ ، اُغْزُوا ، وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا ، وَلَا تُمَثِّلُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا " ( رواه مسلم 1731 ).
 
2. ما جاء عن أبي يعلى شداد بن أوس (رضي الله عنه) عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:"إن الله كتب الإحسان على كل شئ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" [رواه مسلم].
 
قال ابن عبد البر القرطبي في "الاستذكار في حكم المثلة بالمحارب بعد القدرة ": ( والمثلة محرَّمة في السنة المجمع عليها، وهذا بعد الظفر) انظر: "مواهب الجليل" للحطاب الرعيني ج3/ص: 355).
 
جاء في كتاب اللباب شرح الكتاب ص(397): "(وينبغي للمسلمين أن لا يغدروا) أي يخونوا بنقض العهد (ولا يغلوا) أي: يسرقوا من الغنيمة (ولا يمثلوا) بالأعداء: بأن يشقوا أجوافهم ويرضخوا رءوسهم، ونحو ذلك، والمثلة المروية في قصة العرنيبن منسوخة بالنهي المتأخر" .
 
وجاء في حاشية الصاوي على الشرح الكبير(4/309):"و (حرم المثلة): أي التمثيل بالكافر بقطع أنفه أو أذنه أو نحو ذلك بعد موته ما لم يقع منهم تمثيل بالمسلمين، وإلا جاز. (و) حرم (حمل رأس) من كافر (لبلد) آخر غير التي وقع به القتال، (أو) حمله إلى ( وال ) أي أمير جيش.
 
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في " الفتاوى  (28/314) : " فَأَمَّا التَّمْثِيلُ فِي الْقَتْلِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ وَقَدْ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً إلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ حَتَّى الْكُفَّارُ إذَا قَتَلْنَاهُمْ فَإِنَّا لَا نُمَثِّلُ بِهِمْ بَعْدَ الْقَتْلِ وَلَا نَجْدَعُ آذَانَهُمْ وَأُنُوفَهُمْ وَلَا نَبْقُرُ بُطُونَهُمْ إلَّا إنْ يَكُونُوا فَعَلُوا ذَلِكَ بِنَا فَنَفْعَلُ بِهِمْ مِثْلَ مَا فَعَلُوا " . وَالتَّرْكُ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ . وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إلَّا بِاللَّهِ " .ا.هـ
 
ولا شك أنّ جز الرقاب بعد القدرة على المحارب حياً أو ميتا وقطعها بالسكين هو من المثلة التّي نهينا عنها أمّا إذا مثّل المحاربون بالمسلمين فيجوز التمثيل بهم نكاية وزجرا وإن كان الأفضل اجتناب ذلك ما لم يكن في ذلك مصلحة، والدليل على ذلك قول الله (تعالى): )وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ( [النحل:126].
 
قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (4/610):"وإن مثّل الكفار بالمسلمين فالمثلة حق لهم فلهم فعلها للاستيفاء وأخذ الثأر ولهم تركها والصبر أفضل".
 
وقد جاء في سببِ نزولِ قولهِ تعالى : "  عَنْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ‏قَالَ :‏ ‏" لَمَّا كَانَ يَوْمُ‏ ‏أُحُدٍ ‏‏أُصِيبَ مِنْ ‏‏الْأَنْصَارِ ‏‏أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا ، وَمِنْ ‏ ‏الْمُهَاجِرِينَ ‏‏سِتَّةٌ فِيهِمْ ‏: ‏حَمْزَةُ ‏؛ ‏فَمَثَّلُوا ‏‏بِهِمْ فَقَالَتْ ‏‏الْأَنْصَارُ :‏ " ‏لَئِنْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ يَوْمًا مِثْلَ هَذَا ‏ ‏لَنُرْبِيَنَّ ‏عَلَيْهِمْ ، قَالَ : فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ ‏‏مَكَّةَ ‏فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ " ‏فَقَالَ رَجُلٌ : " لَا ‏‏قُرَيْشَ ‏‏بَعْدَ الْيَوْمِ " ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏ " ‏كُفُّوا عَنْ الْقَوْمِ إِلَّا أَرْبَعَةً " . رواه الترمذي (3129) وقال : " ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ .
 
فإن قِيلَ: إنّ رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قد مثّل بِالْعُرَنِيِّينَ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ ، وَأَلْقَاهُمْ فِي حَرِّ الرَّمْضَاءِ ، فإنّه يجاب عليه بأنّ ذلك كان على سبيل القصاص لأنّهم كانوا قد فعلوا بالرّعاء مثل ذلك .
 
جاء في المنتقى للإمام الباجي المالكيّ رحمه الله تعالى :" أما ما روى عن أن النبي – صلى الله عليه وسلم- أمر بالعرنيين الذين قتلوا رعاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم - واستاقوا نعمه فأمر بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم فإنه روى سليمان التيمي عن أنس أنهم كانوا فعلوا بالرعاء مثل ذلك ، و مثل هذا يجوز من مثّل بمسلم أن يُمثّل به على سبيل القصاص " ( المنتقى شرح الموطأ ( 172/3) .

ويوجه فعل ابن مسعود – رضي الله عنه - و إقرار النبي – صلى الله عليه و سلم – له حين احتز رأس أبي جهل، بأنّ ذلك كان لحالة خاصة ولمصلحة شرعية  معتبرة لكون أبي جهل رأس الكفر وزعيمه وليس هذا هو الأصل العام والهدي المتبع .

قال السرخسي في الشرح الكبير : " أكثر مشايخنا رحمهم الله على أنه إذا كان في ذلك كبت وغيظ للمشركين أو فراغ قلب للمسلمين بأن كان المقتول من قواد المشركين أو عظماء المبارزين فلا بأس بذلك " ( 137/1) .

ويقول الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير":  ( 2\179) والظاهر أن محل حرمة حمل رأس الحربي لبلد ثان ما لم يكن في ذلك مصلحة شرعية كاطمئنان القلوب بالجزم بموته وإلا جاز, فقد حمل للنبي رأس كعب بن الأشرف من خيبر للمدينة".
 
ومن الخطأ الإستدلال بالآية الكريمة : " فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ " ( سورة محمّد ، آية 4) . لأنّ هذه  الآية تتحدث عن قتل الكفار حال التحام الصفوف في الحرب، فيجوز حينئذٍ قتل الكافر المحارب بأي طريقة ممكنة لضرورة الحرب وقد سبق أنّ الفقهاء يفرقون بين المثلة قبل القدرة على المحارب أي أثناء الحرب وبعد القدرة عليه .

قال ابن كثير في تفسيره " يقول تعالى مرشدا للمؤمنين إلى ما يعتمدونه في حروبهم مع المشركين: فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ) ) أي: إذا واجهتموهم فاحصدوهم حصدا بالسيوف ، (  حتى إذا أثخنتموهم فشدوا ) أي: أهلكتموهم قتلا ) فشدوا ) [ وثاق ] الأسارى الذين تأسرونهم، ثم أنتم بعد انقضاء الحرب وانفصال المعركة مخيرون في أمرهم ، إن شئتم مننتم عليهم فأطلقتم أساراهم مجانا، وإن شئتم فاديتموهم بمال تأخذونه منهم وتشاطرونهم عليه ". ( انظر : تفسير ابن كثير، ج7\ 307 ).

قال ابن عبد البر القرطبي في "الاستذكار": ( والمثلة محرَّمة في السنة المجمع عليها، وهذا بعد الظفر، وأما قبله فلنا قتله بأي مثلة أمكننا ) انظر :  "مواهب الجليل" للحطاب الرعيني ج3/ص: 355).

كما أنّ "ضرب الرقاب" يختلف عن "الذبح بالسكين"، فالأُولى تكون بضربةٍ واحدةٍ بالسيف تزهق بها الروح مباشرةً، خلافًا للذبح الذي يكون بمعالجةٍ وتكرارِ إمرارٍ للسكين على الرقبة، مما يؤدي لتعذيب المقتول وزيادة إيلامه أثناء إزهاق الروح .
 
 


 
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء