المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
عنْ أَبي أَيوبِ رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ رواهُ مُسْلِمٌ.
الأقسام
حديث اليوم
عن محمد بن كعب قال : « إنما يكذب الكاذب من مهانة نفسه عليه »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
عن ابن عباس - رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :( لو يعطى الناس بدعواهم ، لا دعى رجال أموال قوم و دماءهم لكن البينة على من المدعي و اليمن على من أنكر ) حديث حسن رواه البيهقي و غيره هكذا، وبعضه في الصحيحين .
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
تصحيح جنس الخنثى بواسطة العمليات الجراحية
تاريخ: 1/12/12
عدد المشاهدات: 7597
رقم الفتوى: 658

 بسم الله الرحمن الرحيم

تصحيح جنس الخنثى بواسطة العمليات الجراحية

 

س: ما حكم عمليات تصحيح الجنس، أي رد الخنثى إلى ذكر أو أنثى؟

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وأصحابه الطاهرين وبعد:

اتفق أهل العلم على عدم جواز تغيير الجنس أي تحويل الرجل إلى أنثى أو الأنثى إلى رجل بواسطة العمليات الجراحية أو غيرها. وهذا الفعل من عمل الشيطان، قال تعالى:{وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا}النساء:119-121.

أما الخُنْثَى فهو الذي لا يَخْلُصُ لِذَكَرٍ ولا أُنثى، أو الذي له ما للرجال والنساء جميعا.  

وله حالتان:

الأولى- أن يتبين حاله من ذكورة أو أنوثة بظهور ما يدل على ذلك، وهذا يسمى بالخنثى غير المشكل.

الثانية- ألا يتبين حاله من ذكورة أو أنوثة لعدم توفر العلامات المحددة، وهذا يسمى الخنثى المشكل.

{انظر: لسان العرب، مادة خنث(2/145)،كتاب العين، مادة خنث(4/248)، الموسوعة الطبية الفقهية لـ د. أحمد كنعان ص(441)، ابن عابدين: الحاشية(29/231)، الموسوعة الشاملة. الدسوقي: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير(20/168)، الموسوعة الشاملة}

فالأول وهو من تبين حاله من ذكورة أو أنوثة يجوز رده  بواسطة العمليات الجراحية إلى ذكر أو أنثى، ويرجع في التحديد إلى الأطباء أهل الاختصاص.

والتحويل هنا هو تصحيح للجنس ومعالجة مشروعة لإزالة مرض، كما لو كان للإنسان ستة أصابع وأراد أن يزيل أصبعا  فيجوز؛ لأنه إعادة للأصل وكذلك الأمر في الخنثى الذي تبين حاله. فتعد هذه الجراحة من إزالة العيوب وتصحيح التشوهات الظاهرة، وليست من تغيير خلق الله تعالى؛ لأن المقصود إعادة الجسم إلى الخلقة السوية، ولا يقصد بالجراحة تغيير الخلقة المعهودة لمجرد الرغبات والأهواء، كما في تحويل الجنس. ويؤيد ذلك أن بعض الفقهاء نصوا على أن الخنثى غير المشكل إذا تبين أنه امرأة فأعضاء الذكورة تعد خلقة زائدة وكذا العكس، وإذا كانت زائدة كان حكم إزالتها بالمعالجة جائزا.

وهذا ما نص عليه بعض المعاصرين منهم الدكتور نصر فريد واصل والدكتور محمد رأفت عثمان  وأحمد الشريف النعسان، وهو ما صدر عن دار الإفتاء المصرية وقال به مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي.

أما الخنثى الذي لم يتبين حاله، وهذه حالات نادرة الوقوع حسب رأي الأطباء وتكاد تكون معدومة، ويسمى باصطلاح الفقهاء بالخنثى المشكل فيجوز علاجها بالجراحة والتحويل إلى أحد الجنسين، وهذا النوع لا يبت في أمره إلا الأطباء الجراحون فهم فقط الذين يقررون إجراء العملية الجراحية اللازمة لإظهار أنوثته أو ذكورته جراحياً. وهذا ما ذهب إليه الدكتور نصر فريد واصل والدكتور محمد رأفت عثمان والدكتور صالح بن محمد الفوزان والدكتور محمد علي البار والدكتور زهير أحمد السباعي، وهذا ما يستفاد من قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة.

ومستند الفتوى أن الخنوثة الحقيقية داء، فالله خلق الناس على جنسين ذكر وأنثى لا ثالث لهما إلا بحصول طفرة في المولود بقدر الله مما ينتج عنها خلل في جنسية المولود، وهذا الخلل يجوز التداوي لإزالته، فما أُنزل من داء إلا وأنزل له دواء.

جاء في كتاب الجراحة التجميلية للفوزان ص558:"أن الله خلق الناس وجعلهم جنسين ذكورا وإناثا، وليس ثمة جنس ثالث، كما دل القرآن على ذلك في مواضع، منها قوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}النساء:1. وقوله تعالى:{ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ}الشورى:49. وقوله تعالى:{ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}القيامة:38،39. وهذا يعني أن الخنثى انسان حصل له تشوه خلقي، وإلا فهو في الحقيقة إما ذكر وإما أنثى، وفي هذه الجراحة تحقيق لذلك وكشف لحقيقة جنسه".

{انظر: قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة ص262، الجراحة التجميلية عرض طبي ودراسة فقهية مفصلة  للدكتور صالح فوزان ص (551)، الطبيب أدبه وفقهه للدكتور زهير السباعي والدكتور محمد البار ص (312)، الموسوعة الطبية الفقهية للدكتور أحمد كنعان  ص(441). البهوتي: كشاف القناع عن متن الإقناع(15/482). الموسوعة الشاملة}

جاء في قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة:"قد نظر في موضوع تحويل الذكر إلى أنثى، وبالعكس. وبعد البحث والمناقشة بين أعضائه قرر ما يلي:

أولا- الذكر الذي كملت أعضاء ذكورته، والأنثى التي كملت أعضاء أنوثتها، لا يحل تحويل أحدهما إلى النوع الآخر، ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقوبة؛ لأنه تغيير لخلق الله، وقد حرم سبحانه هذا التغيير، بقوله تعالى مخبرا عن قول الشيطان:{ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}النساء:119. فقد جاء في صحيح مسلم عن ابن مسعود أنه قال:"لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله عز وجل، ثم قال:ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله عز وجل يعني قوله:{وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}الحشر:7.

ثانيا- أما من اجتمع في أعضائه علامات النساء والرجال، فينظر فيه إلى الغالب من حاله، فإن غلبت عليه الذكورة جاز علاجه طبيا بما يزيل الاشتباه في ذكورته، ومن غلبت عليه علامات الأنوثة، جاز علاجه طبيا، بما يزيل الاشتباه في أنوثته، سواء أكان العلاج بالجراحة، أم بالهرمونات؛ لأن هذا مرض، والعلاج يقصد به الشفاء منه، وليس تغييرا لخلق الله عز وجل".{قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة ص262}

شروط عمليات تصحيح الجنس:

1- التحقق من وجود الخنوثة المرضية، فرغم أن هذه الحالات قد تكون ظاهرة، إلا أنه يجب التحقق من أن هذا التشوه الظاهر هو حالة خنوثة بالفعل؛ ذلك أن الأعضاء الجنسية قد تتعرض لبعض التشوهات التي لا تعود إلى خفاء الجنس، فإذا لم يتحقق الطبيب من وجود الخنوثة لم يمكن القول بجواز التدخل الجراحي مع ما فيه من محاذير ومضاعفات وكشف العورة. ويتم التحقق من ذلك بإجراء الفحوصات الطبية اللازمة، فالتشخيص الدقيق يعد من أهم الخطوات اللازمة في علاج حالات الخنثى.

وتأتي أهمية هذا الشرط من كون بعض المراكز الطبية تُقدم على إجراء جراحات لتحويل الجنس وتغييره بحجة أن الشخص الذي يطلب هذا التحويل خنثى، مع أنه بالفحص الدقيق قد يتبين أنه صحيح الأعضاء، فيكون عمل الطبيب حينئذ محرما.

2- أن تكون الجراحة هي الوسيلة العلاجية الوحيدة لعلاج الخنثى، فإذا أمكن علاجها بغير الجراحة كحقن الهرمونات لم يجز انتهاك حرمة المعصوم وجرحه وكشف عورته مع إمكان العلاج بغير الجراحة.

3- أن يحقق العلاج المصلحة المرجوة منه في تحديد جنس الخنثى، ويتحقق ذلك بغلبة ظن الطبيب أو الجراح، فإن غلب على ظنه عدم جدوى العملية في تحديد الجنس وإزالة مظاهر الخنوثة لم يجز إجراؤها، لأن مفاسدها ستكون أكثر من مصالحها، ومن القواعد المقررة أن "درء المفاسد أولى من جلب المصالح".

4- رضا الخنثى بإجراء الجراحة؛ إذ مقصود العلاج إزالة الضرر وعلاج التشوه الذي لحق جسم الخنثى، فعلاج هذا الضرر حق له، فلا بد من رضاه أو رضا وليه إن كان قاصرا.{ كتاب الجراحة التجميلية للفوزان ص564}

5- أن تتوفر الأهلية في الطبيب الجراح ومساعديه.

{أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها للدكتور محمد الشنقيطي ص112}

 

والله تعالى أعلم

المجلس الإسلامي للإفتاء

27 ذو الحجة 1433هـ الموافق: 12/11/2012م