بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وأصحابه الطاهرين وبعد:
وقت زوال الشمس هو الوقت الذي تزول فيه الشمس عن كبد السماء إلى جهة المغرب, فمن المعلوم أن الشمس تظهر من جهة المشرق ثم تصعد في السماء شيئا فشيئا حتى تصل إلى كبد السماء قبيل الظهر, فإذا مالت عن كبد السماء وبدأت تسير إلى جهة المغرب فهذا هو وقت زوالها وعندها يدخل وقت صلاة الظهر.
ويسن عند زوال الشمس صلاة أربع ركعات بتسليمة واحدة وهي غير سنة الظهر الراتبة كما نص على ذلك الشافعية. عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدمن أربعا عند زوال الشمس، فقلت له: يا رسول الله، إنك تدمن هذه الأربع ركعات عند زوال الشمس. فقال:«إن أبواب السماء تفتح عند زوال الشمس، فلا ترتج حتى تصلى الظهر، فأحب أن يصعد لي في تلك الساعة خير». قال: قلت: أفي كلهن قراءة؟ قال:«نعم». قال: قلت: فيهن تسليم فاصل؟ قال:«لا».{رواه الطبري في تهذيب الآثار وهو صحيح. انظر: مشكاة المصابيح(4/290)، الموسوعة الشاملة}. وفي رواية عن أبي أيوب الأنصاري قال: لما نزل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته يديم أربعا قبل الظهر، فقلت: يا رسول الله، إني رأيتك تديم أربعا قبل الظهر؟ فقال: إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء فلا يغلق منها باب حتى يصلى الظهر فأحب أن يرفع لي في تلك الساعة خير".{رواه الطبراني في معجمه الكبير والأوسط وهو حسن. انظر:صحيح الترغيب والترهيب للألباني(1/142)}.
قال ابن القيم:"هذه الأربع صلاة مستقلة كان يصليها بعد الزوال، وورد مستقل سببه انتصاف النهار وزوال الشمس. وسر هذا والله تعالى أعلم أن انتصاف النهار مقابل لانتصاف الليل، وأبواب السماء تفتح بعد زوال الشمس ويحصل النزول الإلهي بعد انتصاف الليل، فهما وقتا قرب ورحمة هذا يفتح فيه أبواب السماء، وهذا ينزل فيه الرب تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا. وقيل: بل هي سنة الظهر القبلية".
جاء في نهاية المحتاج(5/351):"(قَوْلُهُ : وَهِيَ {سنة الزوال} رَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ) وَهِيَ غَيْرُ سُنَّةِ الظُّهْرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ إفْرَادِهَا بِالذِّكْرِ بَعْدَ الرَّوَاتِبِ ... قَالَ الْعَلْقَمِيُّ: هَذِهِ يُسَمُّونَهَا سُنَّةَ الزَّوَالِ، وَهِيَ غَيْرُ الْأَرْبَعِ الَّتِي هِيَ سُنَّةُ الظُّهْرِ.
قَالَ شَيْخُنَا: قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ: وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ فِي كِتَابِ الْأَوْرَادِ لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ: أَيْ لَيْسَ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا فَصْلٌ بِسَلَامٍ. "تُفْتَحُ" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ كِنَايَةٌ عَنْ حُسْنِ الْقَبُولِ وَسُرْعَةِ الْوُصُولِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الشَّيْخُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
( قَوْلُهُ: وَهِيَ أَرْبَعٌ بِتَسْلِيمَةٍ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ) اُنْظُرْ وَجْهَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَعَ أَنَّ الْفَصْلَ أَفْضَلُ مِنْ الْوَصْلِ مُطْلَقًا.
وَلَعَلَّهُ أَنَّ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ يَبْعُدُ عُرُوضُ مَا يَمْنَعُ مِنْ إتْمَامِهَا فَطَلَبَ فِيهَا الْفَصْلَ بِالسَّلَامِ لِزِيَادَةِ مَا يَفْعَلُهَا فِيهَا، وَبِالنَّهَارِ قَدْ يَعْرِضُ تَشَاغُلٌ يَمْنَعُ مِنْ إتْمَامِهَا فَطَلَبَ فِعْلَهَا بِسَلَامٍ وَاحِدٍ لِيَكُونَ التَّحَرُّمُ بِهَا مَانِعًا عَنْ الْإِعْرَاضِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا، وَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ فَرَّقَهَا فَفَعَلَ فِي لَيْلَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَفِي لَيْلَةٍ أُخْرَى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ . وَيُحْتَمَلُ أَنَّ شَرْطَ حُصُولِ سُنَّتِهَا إذَا فَعَلَهَا مُتَوَالِيَةً حَتَّى تُعَدَّ صَلَاةً وَاحِدَةً، وَهُوَ أَقْرَبُ".
والله تعالى أعلم
د.حسين ليد
8شوال1433هـ الموافق26/8/2012م