المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
الأقسام
حديث اليوم
عن علي رضي الله عنه أنه قال : « زين الحديث الصدق ، وأعظم الخطايا عند الله عز وجل اللسان الكذوب ، وشر الندامة ندامة يوم القيامة »
فتوى اليوم
حكمة اليوم
عن أبى سعيد بن سعد بن سنان الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :( لا ضرر و لا ضِرار ) حديث حسن رواه ابن ماجه و الدارقطني و غيرهما مسندا .
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
ما حكم الزواج القائم على السّر والكتمان وبلا وليّ؟
تاريخ: 3/3/21
عدد المشاهدات: 2233
رقم السؤال: 17098

الزواج القائم على السّر والكتمان وبلا وليّ لا يُمكن أن يكون هو الزواج الشرعي الذي امْتَنَّ الله به على عباده، وجعله سَكَنًا ومودةً ورحمةً!

    لقد حذّرت الشّريعة الإسلامية من الإقدام على الزّواج بدون وليّ، دون تفريق بين بكر وثيّب. وقد ثبت ذلك بنصوص عديدة، منها: ما رواه أبو داود في سننه والترمذي في جامعه والإمام أحمد في مسنده وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم : "لا نكاح إلا بولي"، وفي بعض ألفاظ الحديث: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل"، وهذا ما عليه جمهور أهل العلم، ولكن ليس معنى اشتراط الولاية أنّ الفتاة لا تُستشار ولا تُستأذن بنكاح من تقدم إليها، وكذلك ليس لوليها- ولو كان أباً- أن يجبرها على الزّواج بمن لا تريد.

   وقد أحسن أصحاب الفضيلة قضاة المحاكم الشّرعية باتخاذهم قرارا بمنع  المأذونين من إجراء عقد زواج دون الاطمئنان إلى موافقة الوليّ ورضاه، وفي حالة إقدام بعضهم على عقد زواج دون معرفة رأي ولي الفتاة من هذا الزّواج فإنّ القاضي يسحب منه دفتر عقد النّكاح.
   فلا يتصور أن يحقق هذا الزّواج القائم على السّر والكتمان مقاصد الشّرع من تكوين الأُسر وحفظ النّسب وإنشاء علاقة المصاهرة بين الناس.
   فالزواج السّري بوابة للمفاسد الاجتماعية التّي يكون ضحيتها المرأة في الدّرجة الأولى.

    جاء في صحيح البخاري عن صفية بنت حيي أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب – أي تخرج - فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة، مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهما النبي  صلى الله عليه وسلم: على رسلكما! إنما هي صفية بنت حيي. فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكَبُر عليهما – أي كبُر عليهما أن يدخل لقلبيهما شيء كسوء ظنّ برسول الله صلى الله عليه وسلم -  فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلبيكما شيئاً".

   فانظر: كيف احتاط النبيّ صلى الله عليه وسلم لسمعته وسمعة زوجه كي لا يساء به الظنّ، مع أنّه فوق كلّ تهمة صلى الله عليه وسلم ومعصوم من كل معصية بل ومكروه بل وخلاف الأولى.
   فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد احتاط لسمعته وأراد أن يدفع التّهمة وسوء الظنّ من قلوب أصحابه رضي الله عنهم، الذّين ما كانوا ليشكوا فيه أبداً، فكم بالحري أن تحتاط الفتاة لنفسها وسمعتها وعرضها، فكيف ستكون نظرة المجتمع إلى فتاة معقود عليها بالسّر تخرج مع رجل أجنبي بالخفاء ويدخل عليها بالخفاء، وقد ينجب منها ويظهر علامات ومظاهر الحمل عليها!! فالفتاة في هذا الحالة قد وضعت نفسها موضع التّهم والرّيب التّي أمِرْنا بأن ننأى بأنفسنا عنها.
 
   ولهذا ورد في حديثٍ إسنادُه حسنٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فصل ما بين الحلال والحرام ضرب الدف والصوت في النكاح".
فالشريعة الإسلامية حينما شرعت إعلان النكاح، إنما شرعته لأنها تهدف من ورائه حِكما غاية في السمو، وأهدافا لا يمكن لتشريع من التشريعات بلوغها، فمنها مثلاً: أن هذا الإعلان يبعث رسالة مباشرة للفتاة التي سيدخل بها في تلك الليلة، ولكل فتاة تأمل في النكاح: إنك أيتها الفتاة حينما تسلمين عرضك لرجل أجنبي عنك، فإنما تسلمينه وسط هالة من المهابة والإجلال، وكأنّ الشرع الكريم يقول لها: احذري أن تمنحي عرضك وجسدك، الذي يعتبر أغلى ما تملكين بعد دينك، لأحد إلا بعقد شرعي يباركه وليّك وذووك، ويشهد عليه هذا الجمع المبارك. وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على  مقدار ما أولته الشريعة لصيانة الأعراض من ناحية، كما يدلّ على المكانة التي أعطاها الإسلام للمرأة، فليست المرأة في النظرة الشّرعية مجرد محل لنزوة حيوانية.

    ثمّ إنّ العاقل يتعظ بغيره والشقي يتعظ بنفسه: فهناك نموذج حيّ قد جرّب ويلات ومضارّ هذا الزّواج وما زال يتجرّع مفاسده، وهي جمهورية مصر العربية. فهناك إحصائية صادرة عن وزارة التضامن الاجتماعي في مصر هي صادمة بكل المقاييس! تؤكد أنّ هناك 552 ألف حالة زواج عرفي أو سري. والكارثة أن هذا الزواج أثمر عن إنجاب 41 ألف طفل مجهولي النسب نتيجة تلك الزيجات غير الموثقة!
   ثمّ إنّ مَن يُقْدِم على هذا الزّواج من الرجال، إنّما أقدم عليه لنزوة عابره لقضاء الوَطَر، ثم يتركها إلى غيرها، وهكذا. وقديماً قيل: "اللّي أجا بالسّاهل بروح بالسّاهل، واللي سهلت عليه الجيزة بسهل عليه الطّلاق".

   وفي المقابل نوصي الآباء وأولياء الأمور بعدم التعسف والاستبداد بحق الولاية وعدم إكراه الفتاة، خصوصاً الأرامل، على الزّواج بمن لا تريد أو منعها ممّن تريد، طالما أنّ الشاب كفؤ وصاحب دين وخلق.